للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" موعظة "

عِبَادَ اللهِ: من تكبر أذله ومن تواضع لله رفعه الله والمتكبرون يحشرون يوم القيامة فِي صور الذر تطؤهم النَّاس لهوانهم عَلَى الله تعالى المتكبرون شرار الخلق وأَهْل النار كُل جعظري جواظ مستكبر، المتكبر يشمخ بأنفه إِذَا تكلَم، ويجافِي مرفقيه عن جنبيه لاوياً عَنقه، يقارب خطاه إِذَا مشي، متطاولاً عَلَى إخوانه، مترفعاً عَلَى أقرانه، ينظر النَّاس شظراً بمؤخر العين، متقدماً عَلَيْهمْ إِذَا مشي، محتقراً للعامة، ولا فرق عنده بينهم وبين الحمير استهجإلا منه لهُمْ، فالمتكبر لا يحب للمؤمنين ما يحب لنفسه، لأنه لا يقدر عَلَى ذَلِكَ، ولا يقدر عَلَى التواضع وَهُوَ رأس أَخْلاق المتقين، ولا يقدر عَلَى ترك الحقد، ولا يقدر أن يدوم عَلَى الصدق، ولا يقدر عَلَى ترك الْغَضَب، ولا عَلَى كظم الغيظ، ولا يسلم من الازدراء بِالنَّاسِ واحتقارهم ولا يسلم من اغتيابهم وتنقيصهم، لأن فِيه من العظمة والعزة والكبرياء، ما يمنعه من ذَلِكَ، فما من خلق ذميم إلا وصَاحِب الكبر والعظمة مضطر إليه، ليحفظ به عزه وعظمته، وما من خلق محمود إلا وَهُوَ عاجز عنهُ خوفاً من أن يفوته عزه وعظمته، ولذَلِكَ ورد فِي الْحَدِيث أنه لا يدخل الْجَنَّة من فِي قَلْبهِ مثقال ذرة من كبر، ومِمَّا جَاءَ فِي وصية لقمان لابنه {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} ومن تعاليم ربنا لهذه الأمة ونبيها عَلَيْهِ الصَّلاة والسَّلام، بقول الله تعالى: {وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً} فيا أيها المتكبر الناظر فِي عطفِيه، المتعاظم فِي نَفْسه، إن شأنك حقير، وقدرك صغَيْر ولست بمحسوب فِي العير، ولا فِي النفير، وما لك عِنْدَ عاقل من حساب، ولا تقدير، لا قليل ولا كثير، فهون عَلَيْكَ، وارفق بنفسك، فإنك مغرور، يا مسكين وتدبر كلام رب العالمين {إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ} {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} ، {قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} وذم الكبر فِي القرآن كثير، والمتكبر

<<  <  ج: ص:  >  >>