للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَحْسِنْ إلى الأَحْرَارِ تَمْلِكْ رِقَابِهُمْ ... فَخَيْرُ تِجَارَاتِ الرِّجَالِ اكْتِسَابُهَا

وَلا تَمْشِيَن فِي مَنكِبِ الأَرْضِ فَاخِرًا ... فَعَمَّا قَلِيلٍ يَحْتَوِيكَ تُرَابُهَا

وَمَنْ يَذُقِ الدُّنْيَا فَإِنِّي طَعمتُهَا ... وَسِيقَ إِلَيْنَا عَذْبُهَا وَعَذابُهَا

فَلَمْ أَرَهَا إِلا غُرُورًا وَبَاطِلاً ... كَمَا لاحَ فِي ظَهْرِ الْفَلاةِ سَرَابُهَا

وَمَا هِيَ إِلا جِيفَةٌ مُسْتَحِيلَةٌ ... عَلَيْهَا كِلابٌ هَمُّهُنَّ اجْتِذَابُهَا

فَإِنْ تَجْتَنِبْهَا كُنْتَ سِلْمًا لأَهْلِهَا ... وَإِنْ تَجْتَذِبْهَا نَازَعَتْكَ كِلابُهَا

إِذَا انْسَدَّ بَابٌ عَنْكَ مِنْ دُونِ حَاجَةٍ ... فَدَعْهَا لأُخْرَى يَنْفَتِحْ لَكَ بَابُهَا

فَإِنَّ قُرَابَ الْبَطْنِ يَكْفِيكَ مِلْؤُهُ ... وَيَكْفِيكَ سَوآت ِالأُمُورِ اجْتِنَابُهَا

فَطُوبى لِنَفْسٍ أَوْطَنَتْ قَعْرَ بَيْتِهَا ... مُغْلَقَةَ الأَبْوَابِ مُرْخَىً حِجَابُهَا

فَيَا رَبِّ هَبْ لِي تَوْبَةً قَبْلَ مَهْلَكٍ ... أُبَادِرُهَا مِنْ قَبْلِ إِغْلاقِ بَابِهَا

فَمَا تَخْرَبُ الدُّنْيَا بِمَوْتِ شِرَارِهَا ... وَلَكِنْ بِمَوْتِ الأَكْرَمِينَ خَرَابُهَا

اللَّهُمَّ ثبتنا على قولك الثابت فِي الحياة الدُّنْيَا وفي الآخِرَة، اللَّهُمَّ وأيدنا بنصرك وأرزقنا من فضلك ونجنا من عذابك يوم تبعث عبادك، اللَّهُمَّ اسلك بنا مسلك الصادقين الأَبْرَار، وألحقنا بعبادك المصطفين الأخيار، وآتنا فِي الدُّنْيَا حسنة وفي الآخِرَة حسنة، وقنا عذاب النار. وصلى الله على مُحَمَّد وعلى مُحَمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.

" فَصْلٌ "

وعن سفيان قَالَ: كَانَ عيسى بن مريم يَقُولُ: حب الدُّنْيَا أصل كُلّ خطيئة والْمَال فيه داء كثير، قَالُوا: وَمَا دواؤه قَالَ: لا يسلم من الفخر والخيلاء. قَالُوا: فَإِنَّ سلم؟ قَالَ: يشغله إصلاحه عَنْ ذكر الله عَزَّ وَجَلَّ.

قَالُوا: وَذَلِكَ معلوم بالتجربة والمشاهدة، فإن حبها يدعوا إلى خطيئة ظاهرة وباطنة، ولا سيما خطيئة يتوقف تحصيلها عَلَيْهَا، فيسكر عاشقها حبها

<<  <  ج: ص:  >  >>