اللَّهُمَّ اجعلنا من المتقين الأبرار وأسكنا معهم فِي دار الْقَرَار، اللَّهُمَّ وَفَّقَنَا بحسن الإقبال عَلَيْكَ والإصغار إليك وَوَفِّقْنَا لِلتَّعَاوُن فِي طَاعَتكَ والمبادرة إلى خدمتك وحسن الآداب فِي معاملتك والتسليم لأَمْرِكَ والرِّضَا بقضائك والصبر على بلائك والشكر لنعمائك، واغفر لَنَا ولوالدينا ولجميع الْمُسْلِمِين الأحياء مِنْهُمْ والميتين بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلّى اللهُ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين.
" فَصْلٌ ": إِذَا فهمت ما تقدم فاعْلَمْ أن الْعَبْد المُؤْمِن لا بد أن يجمَعَ بين الرجَاءَ والخوف، وَهَذَا الطَرِيق هُوَ طَرِيق الاعتدال، لأنه إن غلب عَلَيْكَ الرجَاءَ حَتَّى فقدت الخوف البتة وقعت فِي طَرِيق الأمن من مكر الله، ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون.
وإن غلب عَلَيْكَ الخوف حَتَّى فقدت رجَاءَ الله وقعت فِي طَرِيق اليأس، ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، ولا يقنط من رحمة ربه إلا الضالون، وإن جمعت بين الخوف والرجَاءَ فهو طَرِيق أَوْلِيَاء الله وأصفيائه.
قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء: وجملة الأَمْر أنَّكَ إِذَا تذكرت سعة رحمة الله تَعَالَى التي سبقت غضبه ووسعت كُلّ شَيْء ثُمَّ أن كنت من هَذِهِ الأمة المرحومة الكريمة على الله تَعَالَى ثُمَّ غاية فضله العَظِيم وكمال جوده الكريم وجعل عنوان كتابه بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ثُمَّ كثرة أياديه إليك ونعمته عَلَيْكَ ظاهرة وباطنة من غير شفيع أَوْ قدم سابقة لَكَ.