.. أَنَا الَّذِي قدْ قُلْتُ دَهْرًا غَدًا ... أَتُوبُ مِنْ ذَنْبِي فَمَا تُبْتُ
لَوْ كُنْتُ ذَا عَقْلٍ لَمَا حَلَّ بِي ... نُحْتُ عَلَى نَفْسِي مَا عِشْتُ
وَاحَسْرَتِي يَوْمَ حِسَابِي إِذَا ... وَقَفْتُ لِلْعَرْضِ وَحُوسِبْتُ
وَاخَجْلَتِي إِنْ قِيلَ لِي قَدْ مَضَى ... وَقْتُكَ تَفْرِيطًا وَوُبِّخْتُ
اللَّهُمَّ تَوَفْنَا مُسْلِمينَ وَألْحِقْنَا بِعِبَادِكَ الصَّالِحْيِنَ وَاْغِفرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
(موعظة) قَالَ بعضهم: يا أيها الناس اعملوا على مهل وكونوا من الله على وجل ولا تغتروا بالأمل ونسيان الأجل ولا تركنوا إلى الدنيا فإنها غدَّارة خدَّاعة، قد تزخرفت لكم بغرورها، وفتنتكم بأمانيها، وتزينت لخطابها فأصبحت كالعروس المجلية، العيون إليها ناظرة، والقلوب عليها كاكفة، والنفوس لها عاشقة، فكم من عاشق لها قتلت.
ولو كانت الدنيا عروساً وجدتها ... بما قتلت أولادها لا تزوج
وكم مطمئن إليها خذلت فانظر إليها بعين الحقيقة فإنها دار كثير بوائقها وذمها خالقها دار نفاد لا دار إخلاد ودار عبور لا دار حبور ودار فناء لا بقاء ودار انصرام لا دار دوام جديدها يبلى وملكها يفنى وعزيزها يذل وكثيرها يقل ودها يموت وخيرها يفوت.
وقد تطابق على ما ذكر دلالات قواطع النقول وصحاح العقول والطعام وقضى به الحس والعيان حتَّى لم يقبل لوضوحه إلى زيادة في العرفان.
وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهارُ إلى دليل ولما كانت الدنيا بهاذه الحال التي ذكرت والعظة التي تقدمت جاء في القرآن الكريم من التحذير عن الاغترار بها والركون إليها والاعتماد عليها ما هو أعرف من أن يذكر وأشهر من أن يشهر.
شِعْرًا: ... يَا مُحِبَّ الدُّنْيَا الْغُرُورِ اغْتِرَارَ ... رَاكِبًا فِي طَلابِهَا الأَخْطَارَا
يَبْتَغِي وَصْلَهَا فَتَأْبَى عَلَيْهِ ... وَتَرَى أَنْسَهُ فَتُبْدِي نِفَارَا