للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليك سوء خُلق زوجتي واستطالتها علي فَلَمَّا سمعت زوجتك كَذَلِكَ رجعت وقُلْتُ: إذا كَانَ هَذَا حال أمير الْمُؤْمِنِين مَعَ زوجته فَكَيْفَ حالي.

فَقَالَ عمر: يا أخي إني احتملُها لحقوق لها علي إنها طباخة لطعامي خبازة لخبزي غسالة لثيابي مُرضعة لولدي ولَيْسَ ذَلِكَ كله بواجب عَلَيْهَا ويسكن بها قلبي عن الحرام فأنَا أحتملها لذَلِكَ. فَقَالَ الرجل: يا أمير الْمُؤْمِنِين وكَذَلِكَ زوجتي.

قال عمر: فاحتملها يا أخي فإنما هِيَ مدة يسيرة. فَانْظُرْ إلى هَذَا الإنصاف لأمير الْمُؤْمِنِين فإنه لاحظ الأَخْلاق الجميلة والمحاسن وغض عن المساوئ بالكلية وتناساها.

ثُمَّ انظر كيف أثرت سيرته على هَذَا الرجل الَّذِي جَاءَ إليه ليشكو امرأته وَرَجَعَ قانعًا راضيًا. وَصَلَّى الله عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

(فَصْلٌ)

ومن حقوق الزوجة على زوجها أن يغار عَلَيْهَا فلا يعرضها للشبهة ولا يتساهل معها في ما يؤذي الشرف والمرؤة ولا يعرضها لألسنة السُّوء والتساهل في هَذَا قبيح يعد من سَفْسَافِ الأَخْلاق لما يجره من الشقاء لها وللأسرة ولزوجها.

وما زال النَّاس تتأثر سمعتهم وكرامتهم بسلوك الزوجات فمن أغضى عن زوجته وَهُوَ يرى ويسمَعَ أو أغضى عن بناته أو أخواته أو أي أنثى من قراباته فقَدْ أخَرَجَ نَفْسهُ من زمرة الرِّجَال الَّذِينَ لَهُمْ حرمة وشرف في النُّفُوس ومنزلة عِنْدَ الله على أنها إذا رأت منه تسامحًا ربما ازدادت توسعًا فيما همت به أو دخلت فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>