كالحيوانات التي يسطو بعضها عَلَى بعض بدون غيرة ولا حمية ولا معرفة لما يترتب عَلَى ذَلِكَ من التناسل الَّذِي به حياة النوع الإنساني وبقاء العمران إلي الاجل الَّذِي قدره الله لَهُ فِي ذَلِكَ الوجود.
ومن لا يغضب لنفسه فإنه يكون معرضاً للزَوَال من هَذَا الوجود أو معرضاً لأن يسخره غيره كما تسخر الدواب التي لا تغضب لنفسها.
ومن لا يغضب لمآله فإنه لا يلبث أن يسلبه النَّاس منه ويصبح فقيراً معدماً وإِذَا فشي سلب الْمَال فإن نظام الْعَمَل يتعطل وتبطل الأعمال التجارية والصناعية والزراعية ويعتمد النَّاس عَلَى سلب بَعْضهمْ بعضا.
ومن لا يغضب لدينه فإنه فِي الغالب لا يستقر عَلَى دين لأن اختلاف طبائع النَّاس واختلاف أنظارهم من أكبر البواعث عَلَى اختلاف معتقداتهم فمن لا يغار عَلَى دينه يكون عرضة لتقليد القوي فِي كُلّ ما يراه فينتقل من دين إلي دين.
وهكَذَا فخلق الله الْغَضَب ليحمي النَّاس بَعْضهمْ بعضاً فيستقر النظام ويقف كُلّ واحد عِنْدَ الحد الَّذِي قدر الله لَهُ فِيه ذه الحياة قال الله تعالى:{وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} . وَقَالَ تعالى:{وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً} .
وللغضب أسباب كثيرة تختلف باختلاف أحوال النَّاس وطبائعهم واستعدادهم للتأثر بالأشْيَاءِ فنذكر طرفاً منها ليجتنبِهَا الإنسان، فمنها الجدال والمزح والسخرية بِالنَّاسِ نعوذ بِاللهِ والاستهزاء بِهُمْ وإطلاق اللسان في