للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السب واللعن والغيبة ومن ذَلِكَ الكبر والعجب لأن المتكبر المعجب بنفسه يتأثر كُلَّما فاته ما يعتقَدْ أنه ينافِي عظمته وخيلاءه فإِذَا طالبه أحد بحق اهتاج غضبه وهكَذَا إِذَا نهي عن رذيلة لأنه من سخافة عقله يعتقَدْ أنه كامل من كُلّ وجه فلا يصح لأحد عنده أن يأمره أو ينهاه أو يقف فِي سبيله أو يتقدم عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الواقع ناقص من كُلّ وجه ويحاول أن يجبر نقصه بكبريائه وعظمته وَهُوَ مغرور.

... وَمَنْ جَهِلَتْ نَفْسُهُ قَدْرَهُ

رَأَى غَيْرُهُ مِنْهُ مَا لاَ يَرَى ... >?

ومن أسباب الْغَضَب مصاحبة الاشْرَار الَّذِينَ لا يفرقون بين الممدوح والمذموم من الْغَضَب فيحسبون التهور والطيش شجاعة ويعدون طغيان الْغَضَب الموجب للظلم رجولة ويتبجحون بذَلِكَ فَيَقُولُ الواحد مِنْهُمْ: أَنَا الَّذِي لا أصبر عَلَى مكروه، ولا عَلَى مكر ولا أحتمل من أحد أمراً، ومعناه حَقِيقَة: لا عقل فِي ولا حلم يذكر فِي معرض الفخر بالجهل فإِذَا سمعه الجاهل رسخ فِي ذهنه حسن الْغَضَب وحب التشبه بالقوم فيقوي به الْغَضَب، ومهما اشتدت نار الْغَضَب وقوي اضطرامها أعمت صاحبِهَا وأصمته عن كُلّ موعظة فإِذَا وعظ لم يسمَعَ بل زاده ذَلِكَ غضباً وإِذَا استنار بنور عقله وراجع نَفْسهُ لم يقدر إِذَا ينطفئ نور العقل وينمحي فِي الحال بدخان الْغَضَب والعياذ بالله.

فإن معدن الفكر الدماغ ويتصاعد عِنْدَ شدة الْغَضَب من غليان دم الْقَلْب دخان مظلم إلي الدماغ يستولي عَلَى معادن الفكر وَرُبَّمَا يتعدي إلي معادن الحس فتظلم عينه وتسود عَلَيْهِ الدُّنْيَا ويكون دماغه عَلَى مثال كهف اضطرمت فِيه النار فاسود جوه وحمي مستقره وامتلأت بالدخان جوانبه وكان

<<  <  ج: ص:  >  >>