للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ، لَيْسَ بِي بَأْسٌ إِنَّ مَا نَالَ الْفَاسِقُ مِنْ وَجْهِي، وَهَذِهِ أُمِّي بَارٌة بِوَلَدِهَا وَأَنْتَ مُبَارَكٌ فَأْدُعُهَا إِلَى اللهِ، وَادْعُ اللهَ لَهَا عَسَى اللهُ أَنْ يَسْتَنْقِذَهَا بِكَ مِنَ النَّارِ. قَالَ: فَدَعَا لَهَا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَدَعَاهَا إِلَى اللهِ فَأَسْلَمَتْ وَأَقَامُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ فِي الدَّارِ شَهْرًا وَهُمْ تِسْعَةٌ وَثَلاثُونَ رَجُلاً. وَقَدْ كَانَ حَمْزَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَسْلَمَ يَوْمَ ضُرِبَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَدَعَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِعُمَرِ بن الْخَطَّابِ أَوْ لأَبِي جَهْلِ بن هُشَامٍ فَأَصْبَحَ عُمَر وَكَانَتْ الدَّعْوَةُ يَوْمَ الأَرْبَعَاءِ فَأَسْلَمَ عُمَرُ يَوْمَ الْخَمِيسِ. فَكَبَّرَ رَسُولُ اللهِ وَأَهْلُ الْبَيْتِ تَكْبِيرَةً سُمِعَتْ بِأَعْلا مَكْةَ.

وَخَرَجَ أَبُو الأَرْقَمِ وَهُو أَعْمَى كَافِرٌ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِبَنِي عبيدِ الأَرْقَمِ فَإِنَّه كَفَرَ. فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ عَلامَ تُخْفِي دِينَنَا وَنَحْنُ عَلَى الْحَقّ وَيُظْهِرُوا دِينَهَمْ وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: يَا عُمَر إِنَّا قَلِيلٌ قَدْ رَأَيْنَا مَا لَقِينَا.

فَقَالَ عُمَرُ: فَوَالذِّي بَعَثَكَ بِالْحَّقِ لا يَبْقَى مَجْلِسٌ جَلَسْتُ فِيهِ بِالْكُفْرِ إِلا أَظْهَرْتُ فِيهِ الإِيمَانَ. ثُمَّ خَرَجَ وَطَافَ بِالْبَيْتِ.

ثُمَّ مَرَّ بِقُرَيْش وَهِيَ تَنْتَظِرُهُ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ بنُ هِشَامٍ: يَزْعُمُ فُلانٌ أَنَّكَ صَبَوْتَ؟

فَقَالَ عُمَرُ: أَشْهَدُ أَنْ لا إله إلا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَوَثَبَ الْمُشْرِكُونَ إِلَيْهِ وَوَثَبَ عَلَى عُتْبَة وَبَرَكَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ يَضْرِبُهُ، فَجَعَلَ عُتْبَةُ يَصِيحُ فَتَنَحَّى النَّاسُ، فَقَامَ عُمَرُ حَتَّى أَعْجَزَ النَّاس وَاتْبَعَ الْمَجَالِسَ التَّي كَانَ يُجَالِسُ فِيهَا فَيُظْهِرُ الإِيمَانُ.

ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَيْهمْ، قَالَ: مَا عَلَيْكَ بِأَبِي وَأُمِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>