للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاللهِ مَا بَقَي مَجْلِسٌ كُنْتُ أَجْلِسُ فِيهِ بِالْكُفْرِ إِلا أَظْهَرْتُ فِيهِ الإِيمَانَ غَيْرَ هَيَّابٍ وَلا خَائِفٍ.

فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَخَرَجَ عُمَرُ أَمَامَهُ وَحَمْزَةُ بن عَبْدِ الْمُطّلِبِ حَتَّى طَافَ بِالْبَيْتِ، وَصَلَّى الظُّهْرَ مُؤَمِّنًا، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى دَارِ الأَرْقَمِ وَمَعَهُ عُمَرُ، ثُمَّ انْصَرَفَ عُمَرُ وَحْدَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -.

وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَط إِلا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إَلا يَأْتِينَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - طَرَفَيّ النَّهَارَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا، فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَهَاجِرًا نَحْوَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَرْكَ الْغَمَادِ لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ وَهُوَ سَيِّدُ الْقَارَةِ فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ أَخْرَجَنِي قَوْمِي فَأُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الأَرْضِ وَأَعْبُدُ رِبِّي. قَالَ ابْنُ الدَّغِنَةِ: فَإِنَّ مِثْلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ لا يُخْرَجُ وَلا يَخْرُجُ؛ إِنَّكَ تُكْسِبُ الْمَعْدُومِ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتحْمِلُ الْكَلَّ، وَتُقْرِي الضَّيْف وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، فَأنَا لكَ جَارٌّ ارْجِعْ وَاعْبُدْ رَبَّكَ فِي بَلَدِكَ.

فَرَجَعَ وَارْتَحَلَ مَعَهُ ابنُ الدَّغِنَةِ فَطَافَ ابنُ الدَّغِنَةِ عَشِيَّةً فِي أَشْرافِ قُرَيْشٍ فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لا يُخْرَجُ مِثْلُهُ وَلا يَخْرُجُ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلاً يَكْسِبُ الْمَعْدُِومَ وَيَصِلُ الرَّحِمَ وَيَحْمِلُ الْكَلَّ وَيُقْرِي الضَّيْفَ وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ.

فَلَمْ تَكْذِبْ قُرَيْشٌ بِجِوَارِ ابنِ الدَّغِنَةِ.

وَقَالُوا لابنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَلِيُصِّلِ فِيهَا وَلْيَقْرَأَ مَا شَاءَ وَلا يُؤْذِينَا بِذَلِكَ، وَلا يَسْتَعْلِنْ بِهِ فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا. فَقَالَ ذَلِكَ ابْنُ الدَّغِنَةِ لأَبِي بَكْرٍ.

فَلَبِثَ أَبُو بَكْرٍ بِذَلِكَ يَعْبُدُ رَبَّهُ فِي دَارِهِ وَلا يَسْتَعْلِنُ بِصَلاتِهِ وَلا يَقْرَأُ فِي غَيْرِ دَارِهِ، ثُمَّ بَدَا لأَبِي بَكْرٍ فَابْتَنَا مَسْجِدًا بِفنَاءِ دَارَهُ، وَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ

<<  <  ج: ص:  >  >>