وعن بريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«القضاة ثلاثة واحد فِي الجنة واثنان فِي النار فأما الذي فِي الجنة فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق فجار فِي الحكم فهو فِي النار ورجل قضى للناس على جهل فهو فِي النار» . رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة.
فالقاضي الممدوح فِي نظر الدين هو الذي يعرف الحق ويقضي به فإما معرفة الحق فإنها تحتاج إلى مجهود عظيم وبحث فِي كل الظروف والأحوال المحيطة بالخصوم وأما الحكم بالحق فإنه يحتاج إِلَى مجاهدة عظيمة حتى يبعد القاضي عن الميل ويتنزه عن التحيز إِلَى أقربائه وأصدقائه وأصهاره وجيرانه أو من بينهم وبينه رابطة، أو تجمعهم معه جامعة أو يكون له فِي الميل غرض يناله من مال أو منصب أو شهوة.
فالقاضي لا ينجو إلا إذا كَانَ كالميزان المنضبط فلا يميل مثقال ذرة إِلَى أحد الخصمين إلا بالحق ومن لَمْ يفعل ذلك فإنه يتحقق فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم:«من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين» . على مَا فسره بعض العلماء من أن معناه أنه عرض نفسه للهلاك والعذاب الأليم وهذا أن لَمْ يقض بالحق.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليأتين على القاضي العدل يوم القيامة ساعة يتمنى أنه لَمْ يقض بين اثنين فِي تمرة قط» . رواه أحمد وابن حبان فِي صحيحه ولفظه قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يدعى القاضي العدل يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب مَا يتمنى أنه لَمْ يقض بين اثنين فِي عمره قط» . والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وسلم.