.. وَانْظُرْ بَعْيْنِ الأَمْرِ وَاحْمِلْهُمْ عَلَى
أَحْكَامِهِ فَهُمَا إِذًا نَظَرَانِ
وَاجْعَلْ لِوَجْهِكَ مُقْلَتَينِ كِلاَهُمَا
مِنْ خَشْيَةِ الرَّحْمَنِ بَاكِيَتَانِ
لَوْ شَاءَ رَبُّكَ كُنْتَ أَيْضًا مِثلَهُمْ
فَالْقَلْبُ بَيْنَ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ
وَاحْذَرْ كَمَائِنَ نَفْسِكَ اللاَّتِي مَتَى
خَرَجَتْ عَلَيْكَ كُسِرْتَ كَسْرَ مُهَانِ
وَإِذَا انْتَصَرَتْ لَهَا فَأَنْتَ كَمَنْ بَغَى
طَفْيَ الدُّخَانِ بِمَوْقِدِ النِّيرَانِ
وَاللهُ أخْبَرَ وَهُوَ أَصْدَقُ قَائِلٍ
أَنْ سَوْفَ يَنْصُرُ عَبْدَهُ بأَمَانِ
مَنْ يَعْمَلِ السُّوء سَيُجْزَى مِثْلَهَا
أَوْ يَعْمَلِ الْحُسْنَى يَفُزْ بِجِنَانِ
هَذِيْ وَصِيَّةُ نَاصِحٍ وَلِنَفْسِهِ
وَصَّى وَبَعْدُ لِسَائِرُ الإِخْوَانِ
قَالَ ابن الْجَوْزِي رَحِمَهُ اللهُ:
أَعْظَمُ الْمُعَاقَبَةِ أَنْ لا يُحِسَ الْمَعَاقَبُ بِالْعُقُوبَةِ، وَأَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقَعَ السُّرُورُ بِمَا هُو عُقُوبة، كَالْفَرَحِ بِالْمَالِ الْحَرَامِ، وَالتَّمَكن مِن الذُّنُوبِ. وَمَنْ هَذِهِ حَالَهُ لا يَفُوزُ بِطَاعَةِ.
وَإِنِّي تَدَبرت أَحْوَالَ أَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَالْمُتَزَهِّدِينَ فَرَأَيْتَهُمُ فِي عُقُوبَاتِ لا يَحُسُّونَ بِهَا، وَمُعْظَمَهُا مِنْ قَبْلِ طَلَبِهِمْ لِلرِّيَاسَةِ. فَالْعَالِمُ مِنْهُمْ يَغْضِب إِنْ رُدَّ عَلَيْهِ خَطَؤُهُ، وَالْوَاعِظُ مُتَصَنّعُ بِوَعْظِهِ،