قال بعضهم:
إِنَّ أُولِي الْعِلْمِ بِمَا فِي الْفِتَنْ ... تَهَيَّبُوهَا مِنْ قَدِيْمِ الزَّمَنْ
فَاسْتَعْصَمُوا الله وَكَانَ التُّقَى ... أَوْفَى لَهُم فِيْهَا مِنْ أوفى الْجُنَنْ
وَاِجتَمَعوا في حُسنِ تَوفيقِهِ ... وَاِفتَرَقوا في كُلِّ سَعيٍ حَسَنْ
فَعالِمٌ مُستَجِدٌ عامِلٌ ... يَسْلُكُ بِالنَّاسِ سَواءَ السُّنَنْ
يَْنثُرُ مِنْ فِيهِ لَهُمْ جَوهَرًا ... مِنْ عِلْمِهِ لَيْسَ لَهُ مِنْ ثَمَنْ
يَقْسِمُهُ طُلابُهُ بَيْنَهُمْ ... قِسْمَةَ تَعْدِيلٍ بِقَدْرِ الْفِطَنْ
وَبُهْمَةٌ مُخْتَرِطٌ سَيْفَهُ ... يُغْمِدُهُ فِي هَامِ أَهْلِ الْوَثَنْ
يَلْبَسُ مِنْ إِيمَانِهِ لأمْةً ... فَضْفَاضَةً يَغْنَى بِهَا عَنْ مِجَّنْ
وَحَابِسٌ فِي بَيْتِهِ نَفْسَهُ ... مُعْتَزِلٌ مُسْتَمْسِكٌ بِالسُّنَنْ
يَأْخُذُ مِنْ دُنْيَاهُ قُوتًا لَهُ ... مُقْتَنِعًا مِثْلَ عِذَارِ الرَّسَنْ
قَدْ جَعَلَ الْبَيْتَ كَقَبْرٍ لَهُ ... وَبُرْدُهُ فِيهِ لَهُ كَالْمَفَنْ
فَهُوَ خَفِيفُ الظَّهْرِ لَكِنَّهُ ... أَثْقَلُ فِي مِيزَانِهِ مِنْ حَضَنْ
وَهَارِبٌ شُحًّا عَلَى دِينِهِ ... إِلَى الْبَرَارِي وَرُؤوسِ الْقُنَنْ
يَأْنَسُ بِالْوِحْدَةِ فِي بِيدِهَا ... أَكْثَرَ مِنْ تَأْنِيسِهِ بِالسَّكَنْ
لا يَرْهَبُ الأُسَدَ وَمَنْ لَمْ يَخُنْ ... سَيِّدَهُ فِي عَهْدِهِ لَمْ يُخَنْ
وَتَائِبٌ مِنْ ذَنْبِهِ مُشْفِقٌ ... يَبْكِي بُكَاءَ الْوَاكِفَاتِ الْهُتُنْ
تَخَالُهُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ ... فِي ظُلَمِ اللَّيْلِ كَمِثْلِ الْغُصُنْ
إِنْ مَهَّدَ النَّاسُ لِدُنْيَاهُمُ ... شَمَّرَ فِي تَمْهِيدِهِ لِلْجَنَنْ
كَأَنَّمَا الأَرْضُ لَهُ أَيْكَةٌ ... وَهُوَ بِهَا قُمْرِيَّةٌ فِي فَنَنْ
وَصَامِتٌ فِي قَلْبِهِ مِقْوَلٌ ... بِالذِّكْرِ للهِ طَوِيلٌ لَسِنْ