للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن رحمته سُبْحَانَهُ بعباده: ابتلاؤهم بالأوامر والنواهي رحمة وحمية لا حَاجَة منه إليهم بما أمرهم به فهو الغني الحميد ولا بخلاً منه عَلَيْهمْ بما نهاهم عَنْهُ فهو الجواد الكريم.

ومن رحمته أن نغص عَلَيْهمْ الدُّنْيَا وكدرها لئلا يسكنوا إليها ولا يطمئنوا إليها ويرغبوا فِي النَّعِيم الْمُقِيم فِي داره وجواره فساقهم إِلَى ذَلِكَ بسياط الابتلاء والامتحان فمنعهم ليعطيهم وابتلاهم ليعاقبهم وأماتهم ليحييهم.

ومن رحمته بِهُمْ: أن حذرهم نَفْسهُ لئلا يغتروا به فيعاملوه بما لا تحسن معاملته به كما قَالَ تَعَالَى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ} . قَالَ غير واحد من السَّلَف: من رأفته بالعباد حذرهم من نَفْسهُ لئلا يغتروا به.

اللَّهُمَّ قابل سيئاتنا بإحسانك واستر خطئتنا بغفرانك وأذهب ظلمة ظلمنا بنور رضوانك واقهر عدونا بعز سلطانك فما تعوذها منك إلا الجميل، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِين الأحياء مِنْهُمْ والميتين بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وصلى الله على مُحَمَّد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.

شِعْرًا: ... أَتَأَمَلُ فِي الدُّنْيَا تُجِدُ وَتَعْمُرُ ... وَأَنْتَ غَدًا فِيهَا تَمُوتُ وَتُقْبَرُ

تُلَقِّحُ آمَالاً وَتَرْجُو نِتَاجَهَا ... وَعُمْرُكَ مِمَّا قَدْ تَرْجِيهِ قَصرُ

تَحُومُ عَلَى إِدْرَاكِ مَا قَدْ كُفِيتَهُ ... وَتَقْبَل فِي الآمَالِ فِيهَا وَتُدْبِر

وَهَذَا صَبَاحُ الْيَوْم يَنْعَاكَ ضُوءه ... وَلَيْلَتِهِ تَنْعَاكَ إِنْ كَنْتَ تَشْعُر

وَرِزْقَكَ لا يَعَدُوكَ إِمَّا مُعَجّل ... عَلَى حَالِهِ يَوْمًا وَإِمّا مؤخر

فَلا تَأَمَنِ الدُّنْيَا وَإِنْ هِيَ أَقْبَلَتْ ... عَلَيْكَ فَمَا زَالَتْ تَخُونُ وَتَغْدُرُ

فَمَا تَمَّ فِيهَا الصَّفْو يَوْمًا لأَهْلِهِ ... وَلا الرَّنْقَ إِلا رَيْثَمَا يَتَغَيّرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>