للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال بعضهم على لسان من فارقه من يألفه ويحبه:

كََيْفَ السَّبِيلُ وَقَدْ شَطَّتْ بِنَا الدَّارُ ... أَمْ كَيْفَ أَصْبرُ وَالأَحْبَابُ قَدْ سَارُوا

وَمَنْزِلُ الأُنْسُ أَضْحَى بَعْدَ سَاكِنِهِ ... مُسْتَوْحِشًا حِينَ غَابَتْ عَنْهُ أَقْمَارُ

مَا كَانَ أَحْسَنَنَا وَالدَّارُ تَجْمَعُنَا ... وَالْعَيْشُ مُتَّصِلٌّ وَالْوَصْلُ مِدْرَارُ

يَا سَاكِنِينَ بِقَلْبِي أَيْنَمَا رَحَلُوا ... وَرَاحِلِينَ بِقَلْبِي أَيْنَمَا سَارُوا

غِبْتُمْ فَأَظْلَمَتِ الدُّنْيَا لِغَيْبَتِكُمْ ... وَضَاقَ مِنْ بَعْدِكُمْ رَحْبٌ وَأَقْطَارُ

لَيْتَ الْغَرَابُ الَّذِي نَادَى بِفْرِقَتِكُمْ ... عَارٍ مِن الرِّيشِ لا تَحْوِيهِ أَوْكَارُ

بَعْدَ النَّعِيمِ بَعُدْنَا عَنْ مَنَازِلِنَا ... وَبَعْدَ أَحْبَابِنَا شَطَّتْ بِنَا الدَّارُ

وقال آخر:

دَعُونِي على الأَحْبَابَ أَبْكِي وَأَنْدُبُ ... فَفِي الْقَلْبِ مِنْ نَارِ الْفُرَاقِ تَلَهُّبُ

وَلا تَعْتِبُونِي إِنْ جَرَتْ أَدْمُعِي دَمًا ... فَلَيْسَ لِقَلْبٍ فَارَقَ الإِلْفَ مَعْتَبُ

دَعُونِي على الأَحْبَابَ أَبْكِي وَأَنْدُبُ ... فَفِي الْقَلْبِ مِنْ نَارِ الْفُرَاقِ تَلَهُّبُ

وَلا تَعْتِبُونِي إِنْ جَرَتْ أَدْمُعِي دَمًا ... فَلَيْسَ لِقَلْبٍ فَارَقَ الإِلْفَ مَعْتَبُ

لَقَدْ جَرَحَ التَّفْرِيقُ قَلْبِي بِنَبْلِهِ ... فَمِنْ دَمِّهِ دَمْعِي على الْخَدِّ يَسْكُبُ

أَأَحْبَابُنَا مَا بِاخْتِيَارِي فُرَاقُكُمْ ... وَلَكِنْ قَضَاءَ اللهِ مَا مِنْه مَهْرَبُ

وَمَا كَانَ ظَنِّي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَنَا ... وَسُرْعَةَ هَذَا الْبَيْنِ مَا كُنْتُ أَحْسِبُ

أَجُولِ بِطَرْفِي بَعْدَكُمْ فِي دِيَارِكُمْ ... فَارْجَعْ وَالنِّيرَانِ فِي الْقَلْبِ تَلْهَبُ

آخر: ... بَكَيْتُ عَلَى الأَحِبَّةِ حِينَ سَارُوا ... وَأَزْعَجَنِي الرَّحِيلُ فَلا قَرَارُ

أُنَادِيهِمْ بِصَوْتِي أَيْنَ حَلُّوا ... وَفِي قَلْبِي مِنَ الأَشْوَاقِ نَارُ

يَقُولُ لِي الْعَذُولُ وَقَدْ رَآنِي ... وَفِي حَالِي لِمَنْ عَشَقَ اعْتِبَارُ

أَتَجْهَرُ مَنْ تُحِبُّ وَأَنْتَ جَارُ ... وَتَطْلُبُهُ وَقَدْ شَطَّ الْمَزَارُ

وَتَبْكِي عِنْدَ فُرْقَتِهِ اشْتِيَاقا ... وَتَسْأَلُ فِي الْمَنَازِلِ أَيْنَ سَارُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>