الخَبِيرِ، وَلا يَصْدُرُ مِنَ العَارِفِ بِاللهِ حَسَدٌ لِخَلْقِ اللهِ عَلَى مَا أَوْلاهُمْ مِنْ نِعْمَةٍ لأنَّهُ يُؤْمِنُ أَنَّ اللهَ قَسَّمَ النِّعَمَ بَيْنَ عِبَادِهِ وَلَيْسَ لِقِسْمَتِهِ رَادُّ، وَكَذَلِكَ العَارِفُ لا يَيْأَسْ مِنْ زَوَالِ شِدَّةٍ مَهْمَا تَعَقَّدَتْ وَاسْتَحْكَمَتْ، وَلا يَيْأَسُ مِنْ حُصُولِ خَيْرٍ مَهْمَا سَمَا وَابْتَعَدَ، لأنَّهُ يُؤْمِنُ أَنَّ الأُمُورَ كُلَّهَا بِيَدِ اللهِ الذِي إِذَا أَرَادَ شَيْئًا قَالَ لَهُ: كُنْ فَكَانَ، العَارِفُ بِاللهِ لا يُقَنِّطَ المُؤْمِنُ العَاصِي مِنْ رَحْمَةِ اللهِ، وَلا يُؤَمِّنُ المُحْسِنَ، لَكِنَّهُ يَرْجُو لِلْمُحْسِنِ وَيَخَافُ عَلَى المُسِيءِ، العَارِفُ بِاللهِ لا يَغُشُّ مُؤْمِنًا، وَلا يُسِيءُ إِلَى الجَارِ العَارِفُ بِالله يُمُيِّزُ بَيْنَ الأَصْدِقَاءِ المُخْلِصِينَ مِنَ المُبَهْرِجِينَ المُزَيَّفِينَ لكثرة تَفرُسه فيهم قال بَعْضُهُمْ:
أَلْمْ تَعْلَمْ بِأَنِّي صَيْرَفِيٌّ ... أَحُكُ الأَصِدْقَاءَ عَلَى مَحَكِّ
فَمِنْهُمْ بَهْرَجُ لا خَيْرَ فِيهِ ... وَمِنْهُمْ مَنْ أُجَوِّزُهُ بِشَكّ
وَمِنْهُم خَالِصُ الذَّهَبِ المُصَفَّى ... بِتَزْكِيَتِي وَمِثْلِي مَنْ يُزَكِي
اللَّهُمَّ أعِذْنَا بِمَعافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَبِرَضَاكَ مِنْ سَخْطِكَ واحْفَظ جَوارِحَنَا مِنْ مُخَالَفَة أمْرك، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوالدينَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَم الرَّاحِمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآله وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
(فَصْلٌ) : وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: حَجَّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَّةَ الوَدَاعَ، ثُمَّ أَخَذَ بِحَلَقَةِ بَابِ الكَعْبَةِ فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَشْرَاطِ السَّاعَةِ» ؟ فَقَامَ إليه سَلْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَخْبِرْنَا فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ إِضَاعَةُ الصَّلاةِ، وَالمَيْلُ مَعَ الهَوَى، وَتَعْظِيمُ رَبِّ المَالِ» ، فَقَالَ سَلْمَانُ: وَيَكُونَ هَذَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ وَالذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَا سَلْمَانُ تَكُونُ الزَّكَاةُ مَغْرَمًا، وَالفَيْءُ مَغْنَمًا، وَيُصَدَّقُ الكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ الخَائِنُ، وَيَخُونُ الأَمِينُ، وَيَتَكَلَّمُ الرُّوَيْبِضَةُ» ، قَالُوا:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute