للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا الرَّويبِضَةُ؟ قَالَ: «يَتَكَلَّمُ فِي النَّاسِ مَنْ لَمْ يَتَكَلَّمَ، وَيُنْكِرُ الْحَقَّ تِسْعَةً أَعْشَارِهِمْ، وَيَذْهَبُ الإِسْلامُ فَلا يَبْقَى إِلا اسْمُهُ، وَيَذْهَبُ الْقُرْآنُ فَلا يَبْقَى إلا رَسْمُهْ، وَتُحَلَّى الْمَصَاحِفُ بِالذَّهَبِ، وَتَتَسَمَّنُ ذُكُورُ أُمَّتِي، وَتُكُونُ الْمشُورَةُ لِلإِمَاءِ، وَيَخْطُبُ عَلَى الْمَنَابِر الصِّبْيَانُ، وَتَكُونُ الْمُخَاطَبَةُ لِلنِّسَاءِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تُزَخْرَفُ الْمَسَاجِدُ كَمَا تُزَخْرَفُ الْكَنَائِسُ وَالْبِيعُ، وَتُطَوَّرُ الْمَنابِرُ، وَتَكْثُرُ الصُّفُوفُ مَعَ قُلُوبٍ مُتَبَاغِضَةٍ، وَأَلْسُنٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَأَهْوَاءٍ جَمَّةٍ» . قَالَ سَلْمَانُ: وَيَكُونُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ وَالذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ عِنْدَ ذَلِكَ يَا سَلْمَانُ يَكُونُ الْمُؤْمِنُ أَذَلَّ مِنْ الأمَةِ، يَذُوبُ قَلْبُهُ فِي جَوْفِهِ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ مِمَّا يَرَى مِنْ الْمُنْكَرِ فَلا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُغَيِّرَهُ، وَيَكْتَفِي الرِّجَالُ بِالرِّجَالِ، وَالنِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ، وَيُغَارُ عَلَى الْغُلْمَانِ كَمَا يُغَارُ عَلَى الْجَارِيَةِ الْبِكْرِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَا سَلْمَانُ يَكُونُ أَمَرَاءُ فَسَقَةٌ، وَوُزَرَاءُ فَجَرَةٌ، وَأُمَنَاءُ خَوَنَةٌ يُضِيعُونَ الصَّلاةَ، وَيَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ، فَإِنْ أَدْرَكْتُمُوهُمْ فَصَلُّوا صَلاتِكُمْ لِوَقْتِهَا عِنْدَ ذَلِكَ يَا سَلْمَانُ يَجِيءُ سَبْيٌ مِنْ الْمَشْرِقِ، وَسَبْيٌ مِنْ الْمَغْرِبِ جُثُاؤُهُمْ جُثَاءَ النَّاسِ، وَقُلُوبهُم قُلُوبُ الشَّيَاطِينَ، لا يَرْحَمُونَ صَغِيرًا وَلا يُوَقِّرُونَ كَبِيرًا، عِنْدَ ذَلِكَ يَا سَلْمَانُ يَحُجُّ النَّاسُ إِلى هَذَا الْبَيْتِ الْحَرَامِ، تَحُجُّ مُلُوكُهُمْ لَهْوًا وَتَنَزُّهًا، وَأَغْنِيَاؤُهُمْ لِلتِّجَارَةِ، وَمَسَاكِينُهم لِلْمَسْأَلَةِ وَقُرَّاؤُهُمْ رِيَاءً وَسُمْعَةً» . قَالَ: وَيَكُونُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، عِنْدَ ذَلِكَ يَا سَلْمَانُ يَفْشُو الْكَذِبُ، وَيَظْهَرُ الْكَوْكَبُ لَهُ الذَّنْبُ، وَتُشَارِكُ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا فِي التِّجَارَةِ، وَتَتَقَارَبُ الأَسْوَاقُ» . قَالَ: وَمَا تَقَارُبُهَا؟ قَالَ: «كَسَادُهَا، وَقِلَّةُ أَرْبَاحِهَا، عِنْدَ ذَلِكَ يَا سَلْمَانُ يَبْعَثُ اللهُ رِيحًا فِيهَا حَيَّاتٌ صُفْرٌ فَتَلْتَقِطُ رُؤَسَاءَ الْعُلَمَاءِ لَمَّا رَؤا الْمُنْكَرِ فَلَمْ يُغَيُّرُوهُ» . قَالَ: وَيَكُونُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ وَالذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ» . رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>