للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سقى مؤمنًا شربة ماء على ظمأ سقاه الله يوم القيامة من الرحيق المختوم، وأيما مُؤْمِن أطعم مؤمنًا على جوع أطعمه الله من ثمار الْجَنَّة، وأيما مُؤْمِن كسا مؤمنًا ثوبًا على عُرْيٍ كساه الله من خضر الْجَنَّة» ، وقوله: {خِتَامُهُ مِسْكٌ} أي خلطه مسك.

وعن أبي الدرداء: هُوَ شراب أبيض مثل الفضة، يختمون به شرابهم، ولو أن رجلاً من أَهْل الدُّنْيَا أدخل أصبعه فيه ثُمَّ أخرجها، لم يبق ذو روح إِلا وَجَدَ طيبها، وقوله: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} المعنى - وَاللهُ أَعْلَمُ - وفي مثل هَذَا الحال فليرغب الراغبون بالمبادرة إلى طاعة الله، وليتفاخر المتفاخرون، وليتباهى المتباهْوَن، ويكاثر ويستبق إلى مثله المستبقون، كقوله تَعَالَى: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ} ، وقوله: {وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ} المعنى أن هَذَا الشراب الموصوف المختوم بالمسك: يفض ختمه، ثُمَّ يمزج بشَيْء من هذه العين المسماة {تَسْنِيمٍ} التي {يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ} وَهُوَ أشرف شراب أَهْل الْجَنَّة وأعلاه، قاله أبو صالح، والضحاك. ولهَذَا قال: {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ} أي يشربها المقربون، وقيل: يشرب منها المقربون، وَقَالَ تَعَالَى: {وَيُطَافُ عَلَيْهمْ بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَأَنْتَ قَوَارِيرَا * قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً * وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً * عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً * وَيَطُوفُ عَلَيْهمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً} بعد ما أخبر جَلَّ وَعَلا أنه وقاهم شر ذَلِكَ اليوم، فلا يحزنهم الفزع الأكبر، وأنه لقاهم نضرة في وجوههم، وَسُرُورًا في قُلُوبهمْ، فجمَعَ لَهُمْ بين النَّعِيم الظاهر، والنَّعِيم الباطن، وأنه {جَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً} ، وأنهم في جلسة مريحة مطمئنة، والجو حولهم رخاء ناعم، دافئ في غير حر نَدِيِ، في غير برد، فلا شمس تلهب،

<<  <  ج: ص:  >  >>