للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمَّا بَلَغَ قُبَاءَ رَآه الرَّسُولُ صَلَواتُ الله عليه وسلامُه مُقْبلاً فَهَشَّ لَهُ وَبَشَّ وَقَالَ:

«رَبِحَ الْبَيْعُ يَا أَبَا يَحْيَى رَبِحَ الْبَيْعُ» . وَكَرَّرَهَا ثَلاثًا.

فَعَلَتِ الْفَرْحَةُ وَجْهَ صُهَيْبٍ وَقَالَ: وَاللهِ مَا سَبَقَنِي إِلَيْكَ أَحَدٌ يَا رَسُولَ الله.

وَمَا أَخْبَرَكَ بِهِ إِلا جِبْرِيلٌ.

حَقًّا لَقَدْ رَبِحَ الْبَيْعُ ...

وَصَدَّقَ ذَلِكَ وَحْيُ السَّمَاء ...

وَشَهِدَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ ... حَيْثُ نَزَلَ فِي صُهَيْبٍ قَوْلُهُ جَلَّ وَعَزَّ: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ} فَطُوبَى لِصُهَيْبِ بن سنَّانٍ الرُّومِيِّ، وَحُسْنُ مَآبٍ.

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا قَبْلَ أَنْ تَشْهَدَ عَلَيْنَا الْجَوَارِحَ وَنَبِّهْنَا مِنْ رَقَدَاتِ الْغَفَلاتِ فَأَنْتَ الْحَلِيمُ الْمُسَامِحُ، وَاْغِفرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

مَوْعِظَةٌ: عِبَادَ اللهِ إِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَانَتْ بِفِرَاق فَيَا وَيْحَ مَنْ كَانَ بِهَا جُلَّ اشْتِغَالِهِ، كَيْفَ يَطْمَئِنُّ الْعَاقِلُ إِلَيْهَا مَعَ تَحقَّقِهِ بِدُنُوِّ ارْتِحَالِهِ. كَيْفَ يَنْخَدِعُ الْيَوْمَ بِبَوَارِقَهَا مَنْ هُوَ غَدًا مُرْتَهِنٌ بَأَعْمَالِهِ كَيْفَ يَغْتَرُّ فِيهَا بِإِمْهَالِهِ وَإِمْهَاله لَمْ يَنْشَأْ إِلا عَنْ إِهْمَالِهِ.

كَيْفَ يَبِيتُ آمِنًا فِي تَوَسَّعِ آمَالِهِ. وَهُوَ لا يَدْرِي مَا يَطْرُقُ مِنْ بَغْتَةِ آجَالِهِ أَفَمَا تَرَوْنَ طَيْفَ الشَّبِيبَةَ قَدْ رَحَلَ؟ وَكَثِيرًا مَا حَلَّ بِالشَّبَابِ الْمَنُونِ. قَالَ بَعْضُهُمْ:

مَوْعِظَة: الْعُمْرُ أَمَانَةٌ أَتْلَفَتَ شَبَابَهِ فِي الْخِيَانَةِ، وَكُهُولَتَهُ فِي الْبَطَالةِ، وَفِي الشَّيْخُوخَةِ تَبْكِي وَتَقُولُ: عُمْرِي قَدْ ضَاعَ، مَتَى أَفْلَحَ الْخَائِنُ فِيمَا اشْتَرَى أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>