بقضائك والصبر علي بَلائِكَ وَالشُّكْر لنعمائك، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المسلمين الأحياء مِنْهُمْ والميتين بِرَحْمَتِكَ يا أرحم الراحمين وَصَلَّى الله عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
" موعظة "
عِبَادَ اللهِ إن الإِنْسَان منا كما علمتم معرض للأذي والإساءة والإهانة وعرضه للأخطار، والمهلكات، فمنحه الله قوة يدفع بها الإهانة، ويدفع بها الخطر، وينجو بها بإذن الله من الهلاك، هِيَ قوة الْغَضَب والحمية.
وخلق الْغَضَب من النار، فتسلط الشيطان عَلَيْنَا من هَذَا الطَرِيق وركبنا وَقْت الْغَضَب، حتى صار النَّاس في غضبهم حمقي متهورين، وسفهاء طائشين.
فكرِهَ النَّاس الْغَضَب لذَلِكَ، واصطلحوا علي ذمهِ مطلقاً، وهَذَا خطأ فظيع وخلط لا يجوز، فلَيْسَ كُلّ غضب مذموم ولا كُلّ حلم بممدوح، والله جَلَّ وَعَلا لا يخلق لنا طبعاً إِلا لحكمة، ولا يركب فينا قوة الحمية والْغَضَب إِلا لسبب وحكمة.
فالأذى إذا جاءنا لا يدفع إِلا بالْغَضَب، والشر إذا نالنا لا يدفع إِلا بالْغَضَب، وحماية الدين والأعراض والشرف لا تدفع إِلا بالْغَضَب، فمن فقَدْ قوة الْغَضَب بالكلية، أو ضعفت فيه الحمية فهو ناقص محلول العزم، مفقود الحزم، معدوم الرجولة.
وقَدْ امتدح الله غضب الْمُؤْمِنِين علي الكفار، وحميتهم الدينية، لما له من أثر في إعلاء كلمة الله، فَقَالَ تَعَالَى {أَشِدَّاء عَلَي الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ} .