وأمرنا بالْغَضَب إذا انتهكت حرمة الدين، والغيرة علي حدود الله، فَقَالَ في الزناة " وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْم الآخرِ» .
فمن فقَدْ قوة الْغَضَب، يصبح جبانَا ضعيفاً، وذليلاً حقيراً لا يأنف من العار ولا يهمه، ولا يتألم لأذى السفهاء، يتطاول السفهاء والفسقة علي حرمه، فلا يغار لعرض، ولا يغضب لشرف، فيكون تيساً في صورة إنسان، وجماداً لا إحساس له، ولا شعور.
ولَيْسَ الحِلم في شَيْء، وإنما هُوَ جبن وخور وذلة وقَدْ ورد عن النَّبِيّ ? أنه قال لن يدخل الْجَنَّة ديوث، قَالُوا وما الديوث يَا رَسُولَ اللهِ قال الَّذِي لا يغار علي أهله.
وَقَالَ سعد رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَا رَسُولَ اللهِ لو وجدت مَعَ أهلي رجلاً أمهله حتى آتي بأربعة شهداء فَقَالَ ? نعم، فَقَالَ كلا والَّذِي بعثك بالحق، إن كنت لأعاجله بالسيف قبل ذَلِكَ، فَقَالَ ? اسمعوا إلى ما يَقُولُ سيدكم، إنه لغيور وأنَا أغير منه والله أغير مني.
وإذا لم يغضب الإِنْسَان لعرضه ضاعت الأنساب واختلطت الأولاد، وكل أمة تموت الغيرة فيهم لابد وأن تضيع العفة، والصيانة من نسائها، وهَذَا هُوَ الضعف والخور والعجز، والجبن، الَّذِي استعاذ منه النَّبِيّ ?، وكيف تذم رجلاً يغضب لدينه، إذا رأي المنكرات، وقَدْ أمر بمحاربتها وكيف يصلح المرء عيوب نَفْسهِ إذا لم يغضب عَلَيْهَا، ويشتد في ردها عن هواها.