للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ أَمَّا بَعْدُ فَالعَجَبُ كُلَّ العَجَبِ مِنْ اسْتِئْذَانِكَ إيَّايَ في عَذَابِ بَشَرٍ كَأَنِّيْ لَكَ وِقَايَةٌ مِنْ عَذَابِ اللهِ وَكَأَنَّ رِضَائِيْ عَنْكَ يُنْجِيْكَ مِنْ سَخَطِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَاْنْظُرْ مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ عُدولٌ فخذه بِمَا قَامَتْ بِهِ البَّيِّنَةُ.

وَمَنْ أقَرَّ بَكَ بِشَئٍ فَخُذْهُ بِمَا أقَرّ بِهِ وَمَنْ أَنْكَرَ فَاسْتَحْلِفْهُ باللهِ العَظِيْمِ وَخَلِّ سَبِيْلَهُ وَأيْمُ اللهُ لأنْ يَلْقُوْا اللهَ بِخيَانَاتِهمْ أحَبُّ مِنَ أنْ ألقَى اللهَ بِدِمَائِهِمْ والسَّلَامُ.

وَكَانَ لِلْوَلِيْد بْنِ عَبْدِ الملِكِ ابْنٌ يُقَالُ لَهُ رَوْحٌ وَكَانَ نَشَأَ بِالبَادِيَةِ فَكَأنهُ أَعْرَابِيٌّ فَأتَى نَاسٌ مِن المُسلِمِيْنَ إِلى عُمَرَ يُخاصِمُوْنَ روْحَاً في حَوَانِيْتَ بِحِمْصٍ وَكَانَتْ لَهُمْ أقْطَعَهَا إيَّاهُمْ أَبُوهُ بِسِجِلِّ الوَلِيْدِ.

قَالَ مَا يُغْنِيْ عَنْكَ سِجِلُّ الوَلِيْدِ، الحَوَانِيْتُ حَوَانِيْتُهُمْ قَدْ قَامَتْ لَهُمْ البَيِّنِةُ عَلَيْهَا خَلِّ لَهُمْ حَوَانِيْتَهُم فَقَامَ روْحٌ وَخَصْمُهُ الحَمْصِيُّ مُنْصَرِفِيْنَ فَتَوَعَّدَ رَوْحٌ الحِمْصِيُّ فَرَجعَ الحِمْصِيُّ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: هُوَ واللهِ يَتَوَعَّدُنِيْ يَا أمِيْرَ المُؤمِنِيْنَ.

فَقَالَ عُمَرُ لِكَعْبِ بْنِ حَامِدٍ وَهُوَ مِنْ حَرَسِ عُمَرَ إذْهَبْ إلَى روْحٍ يَا كَعْبُ فَإنْ سَلَّمَ الحَوَانِيْتَ إِلى الحِمْصِيّ فَذَاكَ وَإلا أَتِنِيْ بِرَأسِهِ فَسَمِعَ بَعْضُ المُوَالِيْنَ لِرَوْحٍ كَلاَمَ عُمَرَ فَأسْرَعَ في إِخْبَارِهِ بِمَا قَالَ عُمَرُ فَخَلَعَ قَلَْبُه وَخَرَجَ إِلَيْهِ كَعْبٌ وَقَدْ سَلَّ بَعْضَ السَّيْفِ فَقَالَ لَهُ قُمْ فَخلِّ لَهُ حَوَانِيْتَهُ قَالَ نَعَمْ وَخَلَّى لَهُ الحَوَانِيتَ وَتَابَعَ النَّاسُ في رَفْعِ المَظَالِمِ فَمَا رُفِعَتْ إلَيْهِ مَظْلَمَةٌ إلاَّ رَدَّهَا.

شِعْراً: ... أَلاَ فَاسْلُكْ إِلَى المَولَى سَبِيلاَ ... ولا تَطْلُبْ سِوَى التَقْوَى دَلِيْلاَ

وَسِرْ فِيهَا بِجِدٍ وانْتِهَاض ... تَجِدْ فِيْهَا المُنَى عَرْضَاً وَطُوْلا

وَلَا تَرْكَنْ إِلى الدُّنْيا وَعَوِّلْ ... عَلَى مَوْلَاكَ واجْعَلْه وَكِيْلَا

وإِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تُعَزَّ عِزاً ... يَدُوْمُ فَكُنْ لَهُ عَبْداً ذَلِيْلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>