وَكَمْ من شاب أغرته شهوته واستعبدته لذته فأتى نفسها من الذُّنُوب والمعاصي حظها وأروى من الموبقات غلتها.
فكَانَ عاقبة ذَلِكَ ضياع الثروة والافتقار بعد اليسر والْمَال العريض والذلة بعد الجاه والعزة، والضعف بعد القوة والصحة الشاملة وانتابته بعد نضارة شبابه العلل والأسقام وصار حليف الهم والغم والسهاد ينام على مثل شوك القتاد قَدْ أقض مضجعه وذبلت نضرته وتنكرت له الحياة بعد إقبالها وكشرت له الأيام بعد ابتسامها أنيابها وَذَلِكَ بما قدمت يداه.
وكَانَ أصحابه ينفرون عَنْهُ بعد ما كَانَ قرة أعينهم وموضع الغبطة والسرور ولَقَدْ بين الرَّسُول ? حكمة المبادرة إلى الزواج بعد القدرة والاستطاعة بأنها تُحصن الفرج عن الوقوع في المحرمَاتَ وملابسة ما يغضب فاطر الأرض والسماوات ويزري بالشرف والكرامَاتَ.
وإن المبادرة تدعو إلى العفة وغض البصر عن المحرمَاتَ أضف إلى ذَلِكَ أن المبادرة في الزواج تملكن المرء بإذن الله إذا رزقه الله أولادًا من تربيتهم والقيام بشؤونهم وإعدادهم لمستقبل حياتهم وجعلهم رجالاً صالحين مصلحين ينفعون أنفسهم وأمتهم ويجعل مِنْهُمْ عمادًا لها وقوة يرهب بِهُمْ جنابها وتقوى شوكتها وتحفظ هيبتها وكرامتها ويدفع من يريد إذلالها واستعبادها.
تأمل في حياة المتزوج عِنْدَمَا يفاجئه مرض أو تنتابه نائبة وعنده زوجة صَالِحَة كيف يكون محاطًا بعطفها وقيامها بخدمته نائمًا على فراش الرَّاحَة وتسليه وتؤنسه وتَقُوم بخدمته وتضمر الْخَيْر له.
وارجع بنظرك إلى العزب في حالة مرضٍ في حالة يأس وقنوط وندم على ما فرط منه لعدم اقترابه بزوجة صَالِحَة وقرينة ناصحة تَكُون له خَيْر معينة وأفضل مساعدة علي نوائب الدهر وأنكاده فقدْ فقَدَ العزب العطف والرأفة به والرَّاحَة والقيام بتمريضه وحوائجه الكثيرة في أشد الأوقات وأحرجها وأضيق