فالآية الأولى فِي الجهاد الَّذِي هُوَ كمال القوة الغضبية، وَالثَّانِيَة فِي النكاح الَّذِي هُوَ كمال القوة الشهوانية فالْعَبْد يكره مواجهة عدوه بقوته الغضبية خشية على نَفْسهُ منه، وَهَذَا المكروه خَيْر لَهُ فِي معاشه ومعاده، ويجب الموادعة والمتاركة وَهَذَا المحبوب شر لَهُ فِي معاشه ومعاده.
وَكَذَا يكره المرأة لوصف من أوصافها وله فِي إمساكها خَيْر كثير لا يعرفه ويحب المرأة لوصف من أوصافها وله فِي إمساكها شر كثير لا يعرفه فالإِنْسَان كما وصفه خالقه ظلوم جهول. قُلْتُ: ولَقَدْ أجاد القائل:
فلا ينبغي أن يجعل المعيار على ما يضره وينفعه ميله وحبه ونفرته وبغضه، بل المعيار على ذَلِكَ ما اختاره الله لَهُ بأمره ونهيه، فانفع الأَشْيَاءِ لَهُ على الإطلاق طاعة ربه بظاهره وباطنه.
وأضر الأَشْيَاءِ عَلَيْهِ على الإطلاق معصيته بظاهره وباطنه فإذا قام بطاعته