وَمَرَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ بِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَهُوَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ فَقَالَ: يَا فُلانُ أَشَعَرْت أَنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ؟ فَقَالَ الأَنْصَارِي: إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ قَدْ قُتِلَ فَقَدْ بَلَّغَ فَقَاتِلُوا عَنْ دِينِكُمْ فَنَزَلَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ} الآية.
وَأَكْرَمَ اللهُ بِالشَّهَادَةِ مَنْ أَكْرَمَ وَهُمْ سَبْعُونَ، وَفِي وَسَطِ هَذِهِ الدَّهْشَةُ الْبَالِغَةُ صَرَخَ إِبْلِيسَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ إِنَّ مُحَمَّدًا قُدْ قُتِلَ، وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِ كَثِيرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَفَرَّ أَكْثَرُهُمْ، وَكَانَ أَمْرَ اللهِ قَدَرًا مَقْدُورًا.
وَمَرَّ أَنَسُ بنِ النَّضْرِ بِقَوْمٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ أَلْقَوْا بَأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ: مَا تَنْتَظِرُونَ، فَقَالُوا: قُتِلَ رَسُولُ اللهِ ? فَقَالَ: فَمَا تَصْنَعُونَ بِالْحَيَاةِ بَعْدَهُ قُومُوا مُوتُوا عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ.
وَخَلَص الْمُشْرِكُونَ إِلى رَسُولِ اللهِ ? وَثَبَتَ ? فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ، وَقَاتَلَهُمْ قِتَالاً شَدِيدًا فَظَلَّ يَرْمِي بِالنَّبْل حَتَّى فَنِيَ نَبْلُهُ، وَانْكَسَرَتْ سِيَّةُ قَوْسِهِ، وَانْقَطَعَ وَتَرُهُ، ثُمَّ ظَلَّ يَرْمِيهِمْ بِالْحِجَارَةِ، حَتَّى وَقَعَ لِشِقِّهِ.
وَثَبَتَ مَعَهُ نَفَرٌ مِنَ أَصْحَابِهِ، قِيلَ: إِنَّهُمْ دُونَ الْعَشَرَةَ، وَقِيلَ: إِنَّهُمْ فَوْقَ الْعَشَرَةَ، فَبَايَعُوهُ عَلَى الْمَوْتِ، وَأَحَاطُوا بِهِ، يَصُدُّونَ عَنْهُ هَجَمَاتِ الْعَدِوِّ، الذِينَ أَحْدَقُوا بِهِ مِنْ كُلّ نَاحِيَةٍ.
وَشَدُّوا عَلَيْهِ يَرِيدُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ فَمَازَالَ هَؤُلاءِ النّفَرُ يَذُودُونَ عَنْهُ وَيُقَاتِلُونَ دُنَهُ، وَيَتَلَقَوْنَ ضَرَبَاتِ الْعَدُوِّ، وَلَكِنَّ الْعَدُوَّ جَرَحَ وَجْهَهُ ? وَكَسَرَ رَبَاعِيَّتَهُ وَهَشَمُوا الْبَيْضَةَ عَلَى رَأْسِهِ وَرَمُوهُ بِالْحِجَارَةِ، حَتَّى وَقَعَ وَسَقَطَ فِي حُفْرَةٍ مِنْ الْحُفَرِ الَّتِي كَانَ أَبُو عَامِرٍ الْفَاسِقُ يَكِيدُ بِهَا الْمُسْلِمِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute