للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَوَاصِلَ مَنْ أَنَابَ إِليهِ واقْطعْ ... وصَالَ المُسْرِفِينَ تَكُنْ نَبَيْلَا

ولا تُفْنِى شَبابكَ واغْتَنِمْهُ ... وَمثِّلْ بَيْنَ عَيْنيْكَ الرَّحِيْلَا

ولا تَصِل الدُّنَا واهْجُرْ بَنِيْهَا ... عَلَى طَبَقاتِهم هَجْرَاً جَمِيْلَا

وَعَاملْ فِيهِمُ الْوَلَى بِصِدْقٍ ... يَضَعْ لَكَ فِي قُلُوبِهِهُ القُبوُلَا

والله أَعلم وصلى الله على مُحَمّدَ.

مَوْعِظَةٌ

عِبَادَ اللهِ قَدْ كَثُرَ في زَمَنِنَا اليَوْمَ أُنَاسٌ يَرَى أَحَدُهُمْ قَدْرَ نَفْسِهِ فَوْقَ مَا تَتَصَّوَرُهُ الأَفْهَام وَيَجْزِمُ كُلَّ الجَزْمِ أَنَّهُ رَفِيْعُ المَقَامِ، رِفْعَةً كُلُّ رَفِيْعٍ مَعَهَا تَحْتَ الأَقْدَامِ، لَا تَذْكُرُ أَمَامَهُ فَاضِلاً إِلّا ضَحِكَ وَهَزَّ رَأسَهُ مُتَهَكِّمَاً سِاخِرَاً بِمَا لَهُ مِنْ مَقَامٍ وقَدِيْمَاً قِيْلَ:

وَمَنْ جَهِلَتْ نَفْسُهُ قَدْرَهُ

رَأَى غَيْرُهُ مِنْهُ مَا لا يَرَى

وَتَجِدُ هَذَا المُتَكَبِّرُ المُعْجَبُ بِنَفْسِهِ شَرِسَاً أَحْمَقاً ذَا إبَاءٍ وَاسْتِعْصَاءٍ حَتَّى عَلَى خَالِقَهَ القَدِيْر الكَبِيْر المُتعالى وَتَرَاهُ نَارِيَّ المِزَاجِ يَلْتِهبُ التِهَابَاً وَيَنْفَجِرُ لِأدْنى كَلِمَةٍ لا تُرْضِيْهِ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدَ قَائِلُهَا إلا الحُسْنَى.

وَمِنْ عَلَامَاتِهِ أَنَّكَ تَجِدُهُ حَرِيْصَاً عَلَى أَنْ يَكُوْنَ أَمَامَ النَّاسِ وَأَنْ يُصْغُوا إلَى كَلَامِهِ وَيُؤَلمهُ كَلَامُ غَيْرِهِ وَلَوْ كانَ حَقًّا وَتَجِدُ ثِيَابَهُ مُسْبَلَةٌ وفِي مَشْيِهِ يَتَبَخْتَر مُصَعّرِاً خَدَّهُ وَإنْ كَانَ عَلَيْهِ عِقَالٌ تَجِدُهُ مُمِيْلاً لَهُ وَتَجِدُ بَعْضَهُمْ قَدْ وَفَّرَ شَارِبَهُ وَفَتَلَهُ وَسَوَّى شَنَبَاتِهِ كالقُرُوْنِ قَالَ بَعْضُهُمْ:

إنَّ الكَمَالَ الذِيْ سَادَ الرِّجَالُ بِهِ

هُوَ الوَقارُ وَقَرْنُ العِلْمِ بِالعَمَلِ

فَقُلْ لِمَنْ يَزْدَهِيْ عُجْبَاً بِمَنْطِقِهِ

وَقَلْبُهُ في قُيُوْدِ الحِرْصِ والأَمَلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>