للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمتى لزم ذلك وداوم عليه بتدبرٍ وتفكرٍ بقلبٍ حاضرٍ في كل وقت عظمت معرفته بالموت وفجأته وأنه نازل به كما نزل بمن مضى قلبه لا محالة فإذا عظمت معرفته قصر أمله فإذا قصر أمله حذر قلبه من الموت ارتقب فإذا كان مرتقبًا له سارع إلى الاستعداد والاستباق إلى الخيرات قبل الفوات.

لا شَيْءَ يَبْقَى سِوَى خَيْرٍ تُقَدِّمَهُ ... مَا دَامَ مَلْكٌ لإِنْسَان ولا خَلَدَا

فأَمْهِدْ لِنَفْسَكَ وَالأَقْلامُ جَاريةٌ ... وَالتَّوبُ مُقْتَبِلٌ فَاللهِ قَدْ وَعَدَا

ولا بأس بالتداوي إذا وقع به المرض أو وجع بما هو مباح فإن الله تعالى لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء وفي الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه «أن الله تعالى لم ينزل داء إلا أنزل له شفاءٍ إلا الهرم فعليكم بألبان البقر فإنها ترم من كل شجر» .

وفي الحديث الآخر عن أبي سعيد «إن الله تعالى لم ينزل داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله إلا السام وهو الموت» . فإذا أراد الله الشفاء يسر ذلك للعبد ووفقه لاستعمال الدواء على وجهه وفي وقته فيبرأ بإذن الله.

قال القرطبي على قوله لم يضع له شفاء هذه الكلمة صادقة لأنها خبر عن الصادق المصدوق عن الخالق القدير ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير فالداء والدواء خلقه والشفاء والهلاك فعله وربط الأسباب بالمسببات حكمته وحكمه فكل بقدرٍ لا معدل عنه.

شِعْرًا:

تَوقِي الدَّاءِ خَيْرٌ مِنْ تَصَدٍّ ... لأَيْسَره وَإنْ قرُبُ الطَّبِيبُ

وقال ابن حجرٍ على قوله جهله من جهله ومما يدخل فيها ما يقع لبعضهم أنه يداوي من داءٍ بدواءٍ فيبرأ ثم يعتريه ذلك الداء فلا ينجح وسببه الجهل بصفةٍ من صفات الدواء فرب مريضين تشابها ويكون أحدهما مركبًا لا ينجح

<<  <  ج: ص:  >  >>