قال الله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} وقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} .
فالموت حتم لا محيص ولا مفر منه يصل إلينا في أي مكان كنا قال الله: {أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} .
ولو نجا أحد من الموت لبسطة في جسمه أو قوة في بدنه أو وفرةٍ في ماله أو سعةٍ في سلطانه وملكه لنجا من الموت كثير من الناس.
وإلا فأين عاد وثمود وفرعون ذو الأوتاد أين الأكاسرة وأين القياصرة والصناديد الأبطال ذهبوا في خبر كان.
شِعْرًا: ... سَلِ المَدائِن عَمَّنْ كَانَ يَمْلِكُهَا ... هَلْ أَنَسِتْ مِنْهُمْ مِن بَعْدِهمْ خَبَرا
فَلَوْ أَجَابَتْكَ قَالَتْ وهيَ عَالمةٌ ... بِسِيْرَة الذاهِبِ الماضِي ومَنْ غَبَرَا
أَرَتْهُمْ العِبَرَ الدُنِْيَا فما اعْتَبَرُوا ... فصَيَّرتْهُمْ لِقَوْمٍ بَعْدَهُمْ عِبَرَا
آخر: ... نَبْكِي عَلى الدُّنْيَا وَمَا مِنْ مَعْشَرٍ ... جَمَعَتْهُمُ الدُّنْيَا فَلَمْ يَتَفَرَّقُوْا
أَيْنَ الأَكَاسِرَةُ الجَبَابِرَةُ الأُلَى ... كَنَزُوا الكُنُوزَ فمَا بَقَيْنَ وَلا بَقُوْا
مَنْ كُلِّ مَنْ ضَاقَ الفَضَاءُ بِجَيْشِهِ ... حَتَّى ثَوَى فَحَوَاهُ لَحْدٌ ضَيِّقُ
فَالمَوْتُ آتِ وَالنُّفُوسُ نَفَائِسٌ ... وَالمُسْتَغَرُّ بِمَا لَدَيْهِ الأَحْمَقُ
فالموت لا يخشى أحدًا من الخلق ولا يبقي على أحدٍ منهم ويهجم على الكبير والصغير والقوي والضعيف والمعالج والمعالَج والغني والفقير والرئيس والمرؤوس وكل عنده على السوى كما قيل:
هُوَ الموتُ مُثْرٍ عِنْدَهُ مِثْلُ مُعْدِمٍ ... وَقَاصِدُ نَهْجٍ مِثْلُ آخَرَ نَاكِبِ
وَدِرْعُ الفَتَى في حُكْمِهِ دِرْعُ غَادَةٍ ... وَأَبْيَاتُ كَسْرَى مِن بُيُوتِ العَنَاكِبِ
آخر: ... إِذَا نَزَلَ المَقْدُوْرُ لم تُلْفِ لِلْقَطَا ... نُهُوضًا ولا لِلْمُخْدِرَاتِ إِبَاءُ