للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ الْمَلِكُ: أَنَا أَفْعَلُه إِنْ تَفْعَلْهُ أَنْتَ، فَقَالَ الْوَزِيرُ: لِيَعْلَمَ الْمَلِكُ أَنَّهُمْ إِنْ لَمْ تَرُدَّهُمْ هَيْبَتُهُ عَنِّي لَمْ تَرُدَّهُمْ عَنْهُ وَسَأقِيهِ بِنَفْسِي أَيِساً مِنَ النَّجَاةِ فَلْيَجْذَرهم الْمَلِكُ عَلَى نَفْسِهِ إِنْ اجْتَرَؤُا بِالْقَتْلِ.

ثُمَّ إِنَّ الْوَزِيرَ أَحْضَرَ وَجُوهَ أَهْلِ تِلْكَ الْمَمْلَكَةِ وَوُلاة أَحْكَام رَعَايَاهُ وَأَفَاضِلَهَا فَلَمَّا اجْتَمَعُوا فِي مَنْزِلِهِ قَامَ فِيهِمْ خَطِيباً ثُمَّ بِالدَّعْوَةِ إِلى التَّوْحِيدِ فَوَثَبُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوه.

ثُمَّ أَتوا إِلى الْمَلِكِ فَأَخْبَرُوه بِمَا كَانَ مِنْ وَزِيرِهِ فَأَظْهَرَ لَهُمْ الرِّضَا بِقَتْلِهِ فَانْقَلَبُوا عَنْهُ رَاضِينَ ثُمَّ إِنَّ الْمَلِكَ ضَاقَ صَدْرُهُ عَلَى وَزِيرِهِ.

فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ لبِسَ مُسْحَ الشَّعَر وَالتَحَقَ بالرُّهْبَانِ وَنَبَذَ مَا كَانَ مِنَ الْمَلِكِ وَلَمْ يَزَلْ يَعْبُدِ الله حَتَّى قَضَى نَحْبَهُ.

مَوْعِظَةِ: إِخْوَانِي أُبْسطُوا الأَيْدِيَ إِلى الْمَوْلَى الْكَرِيم بِالذُّلَلِ وَالضَّرَاعَةَ وَتَضَرَّعُوا إِلَيْهِ بِالذُّلِ وَالانْكِسَارِ فِي هَذِهِ السَّاعَة وَنَادُوا اللَّطِيف الْخَبِيرَ: يَا مَنْ لا تَضُرُّهُ الْمَعْصِيَةُ وَلا تَنْفَعُهُ الطَّاعَةُ، نَسْأَلُكَ أَنْ تُبَدِلَ مِنَّا الْفَسَادَ بِالصَّلاحِ، وَالْخُسْرَانَ بالأَرْبَاحِ وَأَنْ تُعَامِلَنَا بِالْعَفْوِ وَالسَّمَاحِ يَا مَنْ مَثْلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحْ، وَنَسْأَلُكَ أَنْ تَرْحَمَنَا وَإِخْوَانَنَا الْمُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ الْوَاسِعَةِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

وقال بعضهم:

وَمَالِي وَلِلدُّنْيَا وَلَيْسَتْ بِبُغْيَتِي

وَلا مُنْتَهَى قَصْدِي وَلَسْتُ أَنَالَهَا

وَلَسْتُ بِمَيَّالٍ إِلَيْهَا وَلا إِلى

رِيَاسَتِهَا تَباً وَقُبْحاً لِحَالِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>