للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.. رُكزَتْ لَدَيْهِ رَايَةُ الشَّيْطَانِ

لَوْ كُنْتَ تَدْرِي قَدْرَ ذَاكَ السُّوق لِمْ

تَرْكَنْ إِلَى سُوق الْكَسَادِ الْفَانِي ... >?

اللَّهُمَّ انْظِمْنَا فِي سِلْكِ عِبَادِكَ الْمُفْلِحِينَ وَنَجِّنَا مِن لَفَحَاتِ الجَحِيمِ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ الأحْيَاءِ مِنْهُمْ والمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمَعِين.

(فَصْلٌ) : اعْلَمْ أن الله سُبْحَانَهُ وتَعَالَى اختار من كُلّ جنس من أجناس المخلوقات أطيبه. واختصه لنفسه وارتضاه دون غيره، فإنه تَعَالَى طيب لا يحب إِلا الطيب، ولا يقبل من الْعَمَل والكلام والصدقة إِلا الطيب، فالطيب من كُلّ شَيْء هُوَ مختاره تَعَالَى، وأما خلقه تَعَالَى فعام للنوعين.

وبهَذَا يعلم عنوان سعادة الْعَبْد وشقائه، فإن الطيب لا يناسبه إِلا الطيب ولا يرضى إِلا به، ولا يسكن إِلا إليه، ولا يطمئن قَلْبهُ إِلا به، فله من الكلم الطيب الَّذِي لا يصعد إِلَى اللهِ تَعَالَى إلا هُوَ، وَهُوَ أشد شَيْء نفرة عن الفحش في المقال، والتفحش في اللسان والبذاء، والكذب والغيبة والنميمة والبهت وقول الزور، وكل كلام خبيث.

وكَذَلِكَ لا يألف من الأعمال إِلا أطيبها وهي الأعمال التي اجتمعت على حسنها الفطر السليمة مَعَ الشرائع النبوية، وزكتها العقول الصحيحة. فاتفق على حسنها الشرع والعقل والفطرة.

مثل أن يعبد الله وحده لا يشرك به شَيْئًا، ويؤثر مرضاته على هواه، ويتحبب إليه جهده وطاقته، ويحسن إلى خلقه ما استطاع، فيفعل بِهُمْ ما يحب أن يفعلوه به، ويعاملهم بما يجب أن يعاملوه به،ويدعهم مِمَّا يجب أن يدعوه منه.

وينصحهم لما ينصح به نَفْسهُ، ويحكم لَهُمْ بما يجب أن يحكم له به، ويحمل أذاهم ولا يحملهم أذاه، ويكف عن أعراضهم ولا يقابلهم بمثل ما نالوا من عرضه، وإذا رأى لَهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>