.. تَرَاهُ كَالأَبْلَهِ فِي ظَاهِرٍ ... وَهُوَ مِنْ أذْكَى النَّاسِ فِيمَا يَظُنْ
قَدْ نَوَّرَ اللهُ لَهُ قَلْبَهُ ... بِالذِّكْرِ فِي السِّرِّ لَهُ وَالْعَلَنْ
فَإِنْ يَبِنْ بِالْفِكْرِ عَنْ صَحْبِهِ ... فَجِسْمُهُ بَيْنَهُمُ لَمْ يَبِنْ
وَإِنْ لَغَوا جَلِيسٌ لَهُمْ ... لَمْ يَلِجِ اللَّغْوُ لَهُ فِي أُذُنْ
فِي مَلَكُوتِ اللهِ سُبْحَانَهُ ... تَجُولُ أَلْبَابُ لُبَابِ الْفِطَنْ
فَهُمْ خُصُوصُ اللهِ فِي أَرْضِهِ ... حَقًّا بِهِمْ تُدْرَأُ عَنَّا الْمِحَنْ
سَمَوا بِفَضْلِ اللهِ نَحْوَ الَّتِي ... مَنْ حَلَّ فِي جِيرَتِهَا قَدْ أَمِنْ
وَنَزَّهُوا الأَنْفُسَ عَنْ مَنْزِلٍ ... نَازِلُهُ مُسْتَوْفِزٌ لِلظَّعَنْ
وَسَمَّروا الْخَيْلَ لِيَوْمٍ بِهِ ... يُنْكَبَ مَنْ يَرْكَبُ فَوْقَ الْهُجُنْ
فَلَيْتَنِي كُنْتُ لَهُمْ خَادِمًا ... وَلَيْتَنِي إِذْ لَمْ أَكُنْ لَمْ أَكُنْ
وَمَنْ سِوَاهُمْ فَرِجَالٌ رَجَوا ... أَنْ يَعْبُرُوا الْبَحْرَ بِغَيْرِ السُّفُنْ
وَإِنَّمَا قَصَّرَ بِي عَنْهُمُ ... حُبِّي لِدَارٍ مُلِئَتْ بِالْفِتَنْ
لا غَارَتِ الدُّنْيَا وَلا أَنْجَدَتْ ... فَالْعَاقِلُ الْحُرُّ بِهَا مُمْتَحَنْ
تَمِيلُ لِلأَحْمَقِ مِنْ أَهْلِهَا ... وَهِيَ عَلَى عَاقِلِهِمْ تَضْطَغِنْ
يَا عَجَبًا مِنْ غَفْلَتِي بَعْدَ أَنْ ... نَادَانِيَ الشَّيْبُ أَلا فَارْحَلَنْ!
وَأَدْرِكِ الْفَائِتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ ... يَفْجَأَكَ الْمَوْتُ فَلا تُنْظَرَنْ
أَقْبَحُ مَنْ تَرْمُقُهُ مُقْلَةٌ ... مُبْصِرَةٌ شَيْخٌ خَليِعُ الرَّسَنْ
تَقْتَادُهُ الدَّهْرَ دَوَاعِي الْهَوَى ... إِلَى الصِّبَا مِثْلَ اقْتِيَادِ الْبُدُنْ
يَأْمُلُ آمَالَ فَتَىً يَافِعٍ ... كَأَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْخٍ يَفَنْ
لَيْسَ جَمَالُ الشَّيْخِ إلا التَّقَى ... وَالْمََحْوُ لِلْسُّوءِ بِفِعْلٍ حَسَنْ
شُغِلْتُ بِالْوَصْفِ وَلَوْ أَنَّنِيْ ... أُشْغَلُ بِالْمَوْصُوْفِ كُنْتُ الفَطِنْ