للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ شده غضبه الَّذِي لا تَقُوم لَهُ السماوات والأَرْض، ثُمَّ غاية غفلتك وكثرة ذنوبك وجفوتك مَعَ دقة أمره، وخطر معاملته فِي إحاطة علمه وبصره بالعيوب والغيوب، ثُمَّ حسن وعده وثوابه الَّذِي لا يبلغ كنهه الأوهام وشدة وعيده وأليم عقابه الَّذِي لا يحتمل ذكره الْقُلُوب.

تَارَّة تنظر إِلَى عذابه وتَارَّة تنظر إِلَى رأفته ورحمته، وتَارَّة تنظر إِلَى نفسك فِي جفواتها وجناياتها فإذا فعلت ذَلِكَ أدى بك جميع ذَلِكَ إِلَى الخوف والرجَاءَ وَكُنْت قَدْ سلكت سبيل الشارع الْقَصْد وعدلت من الجانبين المهلكين، الأمن واليأس ولا تتيه فيهما مَعَ التائهين، ولا تهلك مَعَ الهالكين وشربت الشراب الممزوج العدل فلا تهلك ببرودة الرجَاءَ الصرف، ولا بحرارة الخوف الصرف.

وكأني بك قَدْ وصلت إِلَى المقصود غانمًا وشفيت من العلتين سالمًا ووجدت النفس قَدْ انبعثت للطاعة ودانت فِي الخدمة ليلاً ونهارًا من غير فترةٍ ولا غَفْلَةٍ، واجتنبت المعاصي والمخازي وهجرنها وصرت حينئذ من الأصفياء الخواص العابدين، الَّذِينَ وصفهم الله تَعَالَى بقوله: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} .

وَاللهُ سُبْحَانَهُ المسئول أن يمدك وإيانَا بحسن توفيقه وتسديده إنه أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وأجود الأجودين ولا حول ولا قوة إلا بِاللهِ العلي العَظِيم.

اللَّهُمَّ إنََّا نسألك التوبة ودوامها، ونعوذ بك من المعصية وأسبابها، اللهم أفض عَلَيْنَا من بحر كرمك وعونك حَتَّى نخَرَجَ من الدُّنْيَا على السلامة من وبالها وارأف بنا رأفة الْحَبِيب بحبيبه عَنْدَ الشدائد ونزولها، وارحمنا من هموم الدُّنْيَا وغمومها بالروح والريحان إِلَى الْجَنَّة ونعيمها، ومتعنا بالنظر إِلَى وجهك الكريم فِي جنات النَّعِيم مَعَ الَّذِينَ أنعمت عَلَيْهمْ من النبيين والصديقين والشهداء

<<  <  ج: ص:  >  >>