للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يحنو عليهم صديق ولا شفيق ولا قريب، ولا يأخذ بيدهم كريم فِي كربة، ولا يرغبون فِي مصاهرته خشية أن يجذبوا أولادهم فيكونوا مثلهم عاقين.

بخلاف البارين فإنك تراهم ونراهم محببين إِلَى القلوب يتمنى كل من يعرفهم ويفهم برهم وصلتهم أن يتقدم إليهم بما يحبون وتجدهم إذا وقعوا فِي شدة يترحم الناس عليهم، ويدعون لهم بالخروج مِنْهَا على أيسر الأحوال وأقربها، هذا حالهم فِي الدنيا التي ليست هي دار الجزاء فكيف فِي الآخرة دار الجزاء؟

ومن أقبح مظاهر العقوق أن يتبرأ الولد من والديه حين يرتفع مستواه الاجتماعي عنهما كأن يكونا فلاحين أو نجارين أو صناعيين وهو يعيش فِي ترف ويتسنم بعض الوظائف الكبار فيخجل من وجودهما فِي بيته عند زملائه برثاثتها وزيهما القديم.

وربما سئل بعضهم عن أبيه من هذا الذي يباشر فقال: هذا خادم عندنا مستأجر لشئون البيت لأنه يتوهم أن هذه الهيئة واللباس تتنافى مع وظيفته أو مقامه الاجتماعي الكبير وهذا بلا شك برهان على سخافة عقله وقلة دينه والنفس العظيمة الشريفة تفتخر وتعتز بمنيتها وأصلها أبيها وأمها مهما كانت حياتهما ونشأتهما وبيئتهما وهيئتهما.

ولا يبعد أن يوجد من النساء اللاتي يقال لهن متعلمات إذا سئلت عن أمها من هذه أن تقول هذه فراشة عندنا أو طباخة أو خدامة نعوذ بالله من الانتكاس وعمى البصيرة ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.

وذكر بعضهم أن رجلاً كان من المياسير بالبصرة يتمنى أن يرزق ولدًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>