للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَدُهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ: هَذَا إجْتِمَاعٌ للهِ فَلا أُكَدِّرَهُ بِشَيْءٍ مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا. يا بَنِي لَقَدْ رَأَيْتُ السُّلْطَانَ فِي تِلْكَ الْعَظَمَةِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أُهِينَهُ لِئَلا تَكْبُر نَفْسَهُ عَلَيْهِ فَتُؤْذِيهِ.

وَلَقَدْ اسْتَحْضَرْتَ هَيْبَةَ اللهِ تَعَالَى إِذْ أُخَاطِبُهُ، فَصَارَ السُّلْطَانُ أَقَلَّ مِنَ الْقِطِّ عِنْدِي.

وَلَوْ كَانَتْ بِنَفْسَي لَدَيْهِ حَاجَة مِنْ حَاجَاتِ الدُّنْيَا لَرَأَيْتُهُ الدُّنْيَا كُلَّهَا.

وَأُجْبِرَ أَحَدُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ عَلَى مَلِكِ مِصْرَ وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَلْبِسَ مَلابِسَ خَاصَّةً فَأَبَى وَقَالَ: كَيْفَ أَتَجَمَّلُ لَهُ بِلِبَاسٍ لا أَتَجَمَّلُ بِهِ لِرَبِّي فِي الصَّلاةِ.

وَدَخَلَ عباد الخواص عَلَى إِبْرَاهِيم بن صَالِح وَهُوَ أَمِير فَلَسْطِين فَقَالَ لَهُ: يَا شَيْخُ عِظْنِي. فَقَالَ: بِمَ أَعِظُكَ أَصْلَحَكَ اللهُ بَلَغَنِي أَنَّ أَعْمَالَ الأَحْيَاءِ تُعْرَضُ عَلَى أَقَارِبَهُمْ مِنَ الْمَوْتَى فَانْظُرْ مَا يُعْرَضُ عَلَى رَسِولِهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ عَمَلِكَ فَبَكَى حَتَّى سَالَتْ دُمُوعَهُ عَلَى لَحْيَتَهُ.

فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ مِنْ إِجْلالِ اللهِ إِجْلالِ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ فَقَامَ فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيّ، قَالَ: فَقَالَ بَعْدَ مُدَّة يَا أَبَا عَبْد اللهِ تَوَاضعنا لِعِلْمِكَ فَانْتَفَعْنَا بِهِ، وَتَوَاضَعْ لَنَا عِلْم سُفْيَان بن عُيَيْنَة فَلَمْ نَنْتَفِعْ بِهِ.

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْمَهْدِيّ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ حَاجًّا جَاءَهُ مَالِك فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَأَمَرَ الْمَهْدِي ابْنَيْهِ الْهَادِي وَهَارُونَ الرَّشِيدِ أَنْ يَسْمَعَا مَنْهُ فَطَلَبَاهُ إِلَيْهِمَا فَامْتَنَعَ، فَعَاتَبَهُ الْمَهْدِي فِي ذَلِكَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لِلْعِلْمِ نَضَارَةٌ، يُؤتَى أَهْلُهُ.

وَفِي رِوَايَةٍ: الْعِلْمُ أَهْلٌ أَنْ يُوَقَرَ وَيُوَقَرَ أَهْلُهُ فَأَمَرَهُمَا وَالِدْهُمَا بِالْمَسِيرِ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ مُؤَدِّبُهُمَا أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِمَا، فَقَالَ: إِنَّ أَهْلَ هَذِهِ الْبَلْدَةِ يَقْرَءُونَ عَلَى الْعَالِمِ كَمَا يَقْرَأُ الصِّبْيَانِ عَلَى الْمُعَلِّمِ فَإِذَا أَخْطُوا أَفْتَاهُم فَرَجَعُوا إِلَى الْخَلِيفَة فَعَاتَبَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>