للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجده أمامك تعرف إلي الله فِي الرخاء يعرفك فِي الشدة ".

فالشأن فِي الْعَبْد يكون بينه وبين ربه معرفة خاصة بقَلْبه بحيث تجده قريباً منه يستأنس به فِي خلوته ويجد حلاوة ذكره ودعائه ومناجاته وخدمته.

ولا يجد ذَلِكَ إلا من أطاعه فِي سره وعلانيته ومتي وَجَدَ الْعَبْد هَذَا فقَدْ عرف ربه وصار بينه وبينه معرفة خاصة.

فإِذَا سأله أعطاه وإِذَا دعاه أجابه والْعَبْد لا يزال فِي كرب وشدائد فِي الدُّنْيَا، وفِي البرزخ، وفِي الموقف، فإِذَا كَانَ بينه وبين ربه معرفة خاصة كفاه الله ذَلِكَ كله.

وهَذَا هُوَ المشار إليه فِي وصية رسول الله ? لابن عباس تعرف إلي الله فِي الرخاء يعرفك فِي الشدة.

فالعلم ما عرف الْعَبْد ربه، ودله عَلَيْهِ حتي عرفه، ووحده وأكثر من ذكره، وحمده وشكره وأنس به، واستحيا من قربه، وعبده كأنه يراه.

فالشأن كله فِي أن الْعَبْد يستدل بالعلم عَلَى ربه، فيعرفه فإِذَا عرف ربه فقَدْ وجده منه قريباً، ومتي وجده منه قريباً قربه إليه وأجاب دعاءه.

كما فِي الأثر الإسرائيلي ابن آدم اطلبني تجدني، فإن وجدتني وجدت كُلّ شيء.

فأصل العلم العلم بِاللهِ الَّذِي يوجب خشيته ومحبته والقرب منه والإنس به، ثُمَّ يتلوه العلم بأحكام الله، وما يحبه ويرضاه من الْعَبْد من قول أو عمل أو حال أو اعتقاد.

فمن تحقق بهذين العلمين كَانَ علمه عِلماً نافعاً، وحصل لَهُ العلم النافع والْقَلْب الخاشع والنفس القانعة والدُّعَاء المسموع.

<<  <  ج: ص:  >  >>