للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما كَانَ عَلَيْهِ السَّلَف الصالح يرضون بالبلاغ وينوحون على الدين، قُلْتُ: فَكَيْفَ لو رأى أَهْل هذا الزمن الَّذِي كثرت فيه المعاصي والملاهي وانفتحت فيه الدُّنْيَا على كثير من النَّاس فلا حول ولا قوة إِلا بِاللهِ.

ومن عجب ما رَأَيْت أَنَا أن أحدنا إذ ناداه أمير أو وزير أو مساعد أو مدير يبادر ويقوم بسرعة لداعي الدُّنْيَا ولا يتأخر ويسمَعَ داعي الله يدعوه إلى الصَّلاة التي هِيَ الصلة بينه وبين ربه جَلَّ وَعَلا وتقدس فيتثاقل ولا يهتم لها وإن قام بعد التريث فكأنه مكره يدفع إليها دفعا عكس ما عَلَيْهِ السَّلَف الصالح من المبادرة والمرابطة وترك الأعمال فورًا عِنْدَمَا يسمعون (حي على الصَّلاة، حي على الفلاح) وكثير من المساجد عندهم تجد الصف الأول يتم قبل الأذان وقَدْ ازداد الطين بلة بما حدث عندنا من المنكرات قتالة الأوقات، مفرقة النُّفُوس والأبدان، ومشتت القُلُوب، وَذَلِكَ كالتلفزيون والمذياع والفيديو والجرائد والمجلات ومخالطة المنحرفين والفاسقين والكافرين والمجرمين أبعدهم الله.

سَيْرُ الْمَنَايَا إِلَى أَعْمَارِنَا خَبَبُ ... فَمَا تَبِينُ وَلا يَعْتَاقُهَا نَصَبُ

كَيْفَ النَّجَاءَ وَأَيْدِيهَا مُصَمِّمَتٌ ... بِذَبْحِنَا بِمُدَى لَيْسَتْ لَهَا نَصَبُ

وَهَلْ يُؤْمِّلُ نَيْلَ الشَّمْلِ مُلْتَئِمًا ... سَفَرٌ لَهُمْ كُلَّ يَوْمٍ رِحْلَةٌ عَجَبُ

وَمَا إِقَامَتُنَا فِي مَنْزَلٍ هَتَفَتْ ... وَفِيهِ بِنَا مُذْ سَكنَّا رَبْعَهُ نُوَبُ

وَآذنتنا وَقَدْ تَمَّتْ عِمَارَتُهُ ... بِأَنَّهُ عَنْ قَرِيبٍ دَاثِرٌ خَرِبُ

أَزْرَتْ بِنَا هَذِهِ الدُّنْيَا فَمَا أَمَلٌ ... إِلا لِرَيْبِ الْمَنَايَا عِنْدَهُ أَرَبُ

هَذَا وَلَيْسَتْ سِهَامُ الْمَوْتِ طَائِشَةٌ ... وَهَلْ تَطِيشُ سِهَامٌ كُلُّهَا نَصَبُ

وَنَحْنُ أَغْرَاضُ أَنْوَاعِ الْبَلأ بِهَا ... قَبْلَ الْمَمَاتِ فَمَرْمِيٌّ وَمُرْتَقِبُ

أَيْنَ الَّذِينَ تَنَاهَوْا فِي ابْنِتَائِهِمُوا ... صَاحَتْ بِهِمْ نَائِبَاتُ الدَّهْرِ فَانْقَلَبُوا

اللَّهُمَّ نَوِّرْ قُلُوبَنَا بِنُورِ الإِيمَانِ وَثَبِّتْهَا عَلى قَوْلِكَ الثَّابِتْ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وفي الآخِرةِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاة مُهْتَدينَ، وَتَوفَّنَا مُسْلِمينَ وَأَلْحِقْنَا بِعِبَادِكَ الصَّالِحِينَ يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ وَيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>