المقاربة، المراد التوسط بين التفريط والإفراط فهما كلمتان بمعني واحد أو متقارب، وَهُوَ المراد بقوله فِي الرواية الأخري:" عليكم هدياً قاصداً ".
قوله: وأبشروا يعني أن من مشي فِي طاعة الله عَلَى التسديد والمقاربة فليبشر، فإنه يصل ويسبق الدائب المجتهد فِي الأعمال فإن طريقة الاقتصاد والمقاربة أفضل من غيرها.
فمن سلكها فليبشر بالوصول فإن الاقتصاد فِي سنة خَيْر من الاجتهاد فِي غيرها. وخَيْر الهُدَى هدي مُحَمَّد ?، فمن سلك طريقه كَانَ أقرب إلي الله من غيره.
ولَيْسَتْ الفضائل بكثرة الأعمال البدنية، لكن بكونها خالصة لله صواباً عَلَى متابعة السنة وبكثرة معارف القُلُوب وأعمالها.
فمن كَانَ بِاللهِ أعلم وبدينه وأحكامه وشرائعه أعلم، وله أخوف وأحب وأرجي فهو أفضل ممن لَيْسَ كَذَلِكَ، وإن كَانَ أكثر منه عملاً بالجوارح.
وإلي هَذَا المعني الإشارة فِي حديث عَائِشَة رَضِيَ اللهُ عنهَا بقول النَّبِيّ ?:"سددوا وقاربوا واعلموا أنه لن يدخل أَحَداً منكم عمله الْجَنَّة، وإن أحب الأعمال إلي الله أدومها وإن قل".
فأمر بالاقتصاد فِي الْعَمَل وأن يضم إلي ذَلِكَ الْعَمَل بأحب الأعمال إلي الله، وبأن الْعَمَل وحده لا يدخل الجنة.
وصلاةً، ولكن لم يصل إلي ما وصلت إليه قُلُوب هؤلاء من ارتحاله عن الدُّنْيَا وتوطنها فِي الآخرة.