فأفضل النَّاس من سلك طَرِيق النَّبِيّ ? وخواص أصحابه فِي الاقتصاد فِي العبادة البدنية والاجتهاد فِي الأحوال القبلية فإن سفر الآخرة يقطع بسير القُلُوب لا بسير الأبدان.
جَاءَ رجل إلي بعض العارفين فَقَالَ لَهُ: قطعت إليك مسافة، فَقَالَ لَهُ: لَيْسَ هَذَا الأمر بقطع المسافات، فارق نفسك بخطوة وقَدْ حصل لك مقصودك. قال أبو يزيد: رَأَيْت رب العزة فِي المنام فقُلْتُ لَهُ: يا رب كيف الطَرِيق إليك؟ قال: اترك نفسك وتعال.
ما أعطيت أمة ما أعطيت هذه الأمة ببركة متابعة نبيها ?، حيث كَانَ أفضل الخلق، وهديه أكمل الهُدَى مَعَ ما يسر الله عَلَى يديه من دينه، ووضع به الآصار والأغلال عن أمته، فمن أطاعه فقَدْ أطاع الله وأحبه الله، واهتدي بهدي الله.
فمن جملة ما حصل لأمته ببركته وتيسير شريعته أن من صلي مِنْهُمْ العشاء فِي جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلي الفجر فِي جماعة فكأنما قام الليل كله، فيكتب لَهُ قيام ليلة وَهُوَ نائم عَلَى فراشه، ولا سيما إن نام عَلَى طهر وذكر حتي تغلبه عيناه.
ومن صام مِنْهُمْ ثلاثة أيام من كُلّ شهر فقَدْ صام الشهر كله وَهُوَ صائم لبقية الشهر فِي ضيافة الله، ومفطر لَهُ فِي رخصه والطاعم الشاكر لَهُ أجر الصائم الصابر. ومن نوي أن يقوم من الليل فغلبته عَيْنَاهُ فنام كتب لَهُ ما نوي، وكَانَ نومه عَلَيْهِ صدقة.
وَقَالَ أبو الدرداء: يا حبذا نوم الأكياس وإفطارهم كيف يسبقون سهر الحمقي وصيامهم. ولهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيث الصحيح:"رب قائم حظه من قيامه السهر، وصائم حظه من صيامه الجوع والعطش" رواه الطبراني وأَحمَدُ بنُ حنبل.