للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه هي الصلة بين الرب والعبد، وقد أمر الله بهذه الأسباب التي بينه وبين عبده أن توصل، وأمر أن يوصل ما بيننا وبين رسوله - صلى الله عليه وسلم - بالإيمان به وتصديقه وتحكيمه في كل شيء والرضا لحكمه، والتسليم له.

وتقديم محبته على محبة النفس والولد والوالد والناس أجمعين صلوات الله وسلامه عليه، فدخل في ذلك القيام بحقه وحق رسوله.

وأمر أن نصل ما بيننا وبين الوالدين والأقربين بالبر والصلة، فإنه أمر ببر الوالدين وصلة الأرحام وذلك مما أمر به أن يوصل وأمر أن نصل ما بيننا وبين الزوجات بالقيام بحقوقهن ومعاشرتهن بالمعروف.

وأمر أن نصل ما بيننا وبين الأقارب بأن نطعمهم مما نأكل، ونكسوهم مما نكتسي، ولا نكلفهم فوق طاقتهم، وأن نصل ما بيننا وبين الجار القريب والبعيد بمراعاة حقه، وحفظه في نفسه وماله وأهله بما نحفظ به نفوسنا وأهلينا وأموالنا وأن نصل ما بيننا وبين الرفيق في السفر والحضر.

وأن نصل ما بيننا وبين الحفظة الكرام الكاتبين بأن نكرمهم ونستحي منهم كما يستحي الرجل من جليسه ومن هو معه ممن يجله ويكرمه فهذا كله مما أمر الله به أن يوصل.

ثم وصفهم بالحامل لهم على هذه الصلة، هو خشيته وخوف سوء الحساب يوم المآب ولا يمكن احد قط أن يصل ما أمر الله بوصله إلا بخشيته، ومتى ترحلت الخشية من القلب انقطعت هذه الوصل.

ثم جمع لهم سبحانه ذلك كله في أصل واحد وهو آخيه ذلك وقاعدته ومداره الذي يدور عليه وهو الصبر فقال: {وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ} فلم يكتف منهم بمجرد الصبر حتى يكون خالصا لوجه. ثم ذكر لهم ما يعينهم على الصبر وهو الصلاة فقال: {وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>