للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي حديث آخر أن إبليس لا يكون في حالِ أشدَّ منه على ابن آدم عند الموتِ يقول لأَعْوَانِهِ: دُونكُمُوه فإنه إن فَاتكم اليوم لم تَلْحَقُوه.

وقَدْ يَسْتَوْلى عَلَى الإِنْسَان حِينَئِذٍ فَيُضِلَّهُ فِي اعْتِقَادِهِ وَرُبَّمَا حَالَ بينه وبينَ التوبة وَرُبَّمَا مَنَعَهُ مِن الْخُرُوجِ من مَظْلَمَةٍ أَوْ أَيَّسَهُ مِن رَحْمَةِ الله.

وَيَقُولُ لَهُ: قَدْ أَقْبَلَتْ إِلَيْكَ سَكَرَاتُ الموت التي لا تطيقها الجبال وَنَزْعُ الموت شديد وَرُبَّمَا خَوَّفَهُ وأقلَقَهُ وَأَوْقَعَهُ فِي الوَسَاوِسَ والاعتراضِ على القدرِ والعياذُ بِاللهِ.

فينبغي لِلْمُؤْمِنِ أن يعلم أن هَذَا الساعة ساعةَ خُروجِ الروحُ حِينَ يحمى الوطِيس فَيَتَجَلَّد وَيَتَصَبَّر وَيَسْتَعِينُ بِاللهِ الحي القيوم على هَذَا الْعَدُوّ المرصد ليرجع هَذَا الْعَدُوّ خائبًا.

عَنْ أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّ المُؤْمِنَ لِيُنْضِي شَيْطَانَهُ كَمَا يُنْضِي أَحَدُكم بعيره فِي السفر» .

ويعلم أن الجزع لا يفيد شَيْئًا وعن عمر بن عَبْد الْعَزِيز رَحِمَهُ اللهُ أنه قَالَ: ما أحب أن تُهَوَّنَ عَليَّ سَكَرَاتُ الْمَوْتِ إنه آخر ما يكفر به عَنْ المسلم.

وعن إبراهيم قَالَ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ لِلْمَرِيض أن يَحْمَدَ اللهَ عِنْدَ الموت، وعن ابن عباس أَنه قَالَ آخِرُ شِدَّةٍ يَلْقَاهَا الْمُؤْمِنُ الموت.

واعْلَمْ أنَّ المرضَ يُذْهِبُ الخَطَايا وكُلَّمَا اشْتَدَّ المرضُ كَانَ أَذْهَبَ لها عن عَبْد اللهِ بن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: دَخَلْتُ على النبي - صلى الله عليه وسلم - فَمَسَسْتُهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّكَ تُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، فقَالَ: «أَجَلْ إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ َرُجلانِ مِنْكُمْ» . قُلْتُ: ذَلِكَ بِأَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ. قَالَ: «أَجَلْ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذَى مِنْ مَرَضٍ فَمَا سِوَاهُ إِلا حَطَّ اللهُ بِهِ سَيِّئَاتِهِ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَها» . رَوَاهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم.

<<  <  ج: ص:  >  >>