ولكن ذَلِكَ المتوقع لابد لَهُ من سبب حاصل، فَإِنْ لم يكن السبب معلوم الوجود ولا معلوم الانتقاء سمي تمنيًا لأنه انتظار من غير سبب ولا يطلق اسم الرجَاءَ والخوف إلا على ما يتردد فيه.
فأما ما لا يتردد فيه ويقطع به فلا إِذًا، لا يقَالَ أرجو طلوع الشمس ولكن يقَالَ أرجو نزول المطر، وأخاف انقطاعه وضد الرجَاءَ اليأس وَهُوَ تذكر فوت رحمة الله، وقطع الْقَلْب عَنْ ذَلِكَ، واليأس معصية، قَالَ تَعَالَى إخبارًا عما قاله يعقوب {وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} .
ومقدمَاتَ الرجَاءَ أربع، الأولى: ذكر سوابق فضل الله إِلَى الْعَبْد. وَالثَّانِيَة: ذكر ما وعد الله من جزيل ثوابه وعَظِيم كرمه وجوده دون استحقاق أَوْ سؤال. الثالثة: ذكر كثرة نعم الله عَلَيْكَ فِي أمر دينك وبدنك ودنياك فِي الحال من أنواع الإمداد والألطاف من غير استحقاق أَوْ سؤال. والرابعة: ذكر سعة رحمة الله تَعَالَى وسبقها غضبه وأنه الرحمن الرحيم الغنى الكريم الرؤوف بعباده الْمُؤْمِنِينَ، وقوة الرجَاءَ على حسب قوة المعرفة بِاللهِ وأسمائه وصفاته وغلبة رحمته غضبه.
قَالَ ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ فالرجَاءَ ضروري للمريد السالك والعارف لو فارقه لحظة لتلف أَوْ كاد فإنه دائر بين ذنب يرجو غفرانه وعيب يرجو إصلاحه وعمل صالح يرجو قبوله واستقامة يرجو حصولها ودوامها.