قَالُوا: ولو ترك الْعَبْد واجبًا من واجباتها عمدًا لأبطلها تركه وغايته أن يكون بَعْضًا من ابعاضها منزلة فوات عضو من أعضاء الْعَبْد المعتق فِي الكفارة، فَكَيْفَ إِذَا عدمت روحها ومقصودها، وصَارَت بمنزلة الْعَبْد الميت فإذا لم يعتد بالْعَبْد المقطوع اليد يعتقه تقربًا إِلَى الله تَعَالَى فِي كفارة واجبةٍ فَكَيْفَ يعتد بالْعَبْد الميت.
وقَالَ بَعْض السَّلَف: الصَّلاة كجارية تهدى إِلَى ملك من الملوك فما الظن بمن يهدى إليه جارية شلاء أَوْ عوراء أَوْ عمياء أَوْ مقطوعة اليد أَوْ الرجل أَوْ مريضة أَوْ دميمة أَوْ قبيحة حَتَّى يهدي إليه جارية ميتة بلا روح وجارية قبيحة فَكَيْفَ بالصَّلاة التي يهديها الْعَبْد ويتقرب بها إِلَى ربه تَعَالَى والله طيب لا يقبل إلا طيب ولَيْسَ من الْعَمَل الطيب صلاة لا روح فيها كما أنه لَيْسَ من العتق الطيب عتق بلا روح.
قَالُوا: والأعضاء تابعة للقلب تصلح بصلاحه وتفسد بفساده فإذا لم يكن قائمًا بعبوديته فالأعضاء أولى أن لا يعتد بعبوديتها وَإِذَا فسدت عبوديته بالغَفْلَة والوسواس فأنى تصح عبودية رعيته وجنده ومادتهم منه وعن أمره يصدرون وبه يأتمرون.
قَالُوا: ولأن عبودية من غلبت عَلَيْهِ الغَفْلَة والسهو فِي الغالب لا تَكُون مصاحبة للإخلاص فَإِنَّ الإِخْلاص قصد المعبود وحده بالتعبد والغَافِل لا قصد لَهُ فلا عبودية لَهُ.