للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جج

تُرَدِدُ صَوْتُ بَاكِيَةٍ عَلَيْهَا ... رَمَاهَا الْمَوْتُ بِالأَهْلِ الْجَمِيعِ

فَشَتَّتَ شَمْلَهَا وأَدَالَ مِنْهُ ... غَرَامًا عَاثَ فِي قَلْبٍ صَرِيعِ

عَجِبْتُ لَهَا تُكَلَّمُ وَهِي خَرْسَا ... وَتَبْكِي وَهِيَ جَامِدَةُ الدُّمُوعِ

فَهِمْتُ حَدِيثِهَا وَفَهِمْتُ أَنِّي ... مِنَ الْخُسْرَان فِي أَمْرٍ شَنِيعٍ

أَتَبْكِي تِلْكَ أَنْ فَقَدَتْ أَنِيسًا ... وَتَشْربُ مِنْهُ بِالْكَأْسِ الْفَظِيعِ

وَهَا أَنَا لَسْتُ أَبْكِي فَقْد نَفْسِي ... وَتَضْيِيعِ الْحَيَاةِ مَعَ الْمَضِيعِ

وَلَوْ أَنِّي عَقَلْتُ الْيَوْمَ أَمْرِي ... لأَرْسَلْتُ الْمَدَامِعِ بِالنَّجِيعِ

أَلا يَا صَاحِ وَالشَّكْوَى ضُرُوبٌ ... وَذِكْرُ الْمَوْتِ يَذْهَبُ بِالْهُجُوعِ

لَعَلَّكَ أَنْ تُعِيرَ أَخَاكَ دَمْعًا ... فَمَا فِي مُقْلَتَيْهِ مِنْ الدُّمُوعِ

اللَّهُمَّ أنظمنا فِي سلك الفائزين برضوانك، وَاجْعَلْنَا مِنْ المتقين الَّذِينَ أعددت لَهُمْ فسيح جنانك، وأدخلنا بِرَحْمَتِكَ فِي دار أمانك، وعافنا يَا مولانَا فِي الدُّنْيَا والآخِرَة مِنْ جَمِيعِ البلايا، وأجزل لَنَا من مواهب فضلك وهباتك ومتعنا بالنظر إِلَى وجهك الكريم مَعَ الَّذِينَ أنعمت عَلَيْهمْ من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِين الأحياء مِنْهُمْ والميتين بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

" فَصْلٌ "

اعْلَمْ وَفَّقَنَا الله وَإِيَّاكَ وَجَمِيع الْمُسْلِمِين وأيقظ قلوبنا وقلوبكم من الغَفْلَة وارزقنا وَإِيَّاكُمْ الاستعداد للنقلة من الدار الفانية إِلَى الدار الباقية، أنَّ مِنْ أَضَرِّ ما على الإِنْسَان طول الأمل.

ومعنى ذَلِكَ استشعار طول البقاء فِي الدُّنْيَا حَتَّى يغلب على الْقَلْب وينسى أَنَّهُ مُهَدَّدٌ بالموت فِي كُلّ لحظة، ولا بد منه وكل ما هُوَ آت قريب فتأهب لساعة وَدَاعَكَ من الدُّنْيَا وخروجك مَنْهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>