للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" فَائِدَةٌ عَظِيْمَة النَّفْعِ "

قَالَ أحد الْعُلَمَاء رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: عَلَيْكَ يَا أخي بمحاربة الشيطان، وقهره، وَذَلِكَ لخصلتين أحدهما أنه عدو مضل مبين، لا مطمَعَ فيه بمصالحة واتقاء شره أبدَا، لأنه لا يرضيه ويقنعه إلا هلاكك أصلاً فلا وجه إِذًا للآمن من هَذَا الْعَدُو والغَفْلَة عَنْهُ، قَالَ الله جَلَّ وَعَلا: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} ، وقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً} ، والخصلة الثَّانِيَة أنه مجبول على عداوتك، ومنتصب لمحاربتك، فِي الليل والنَّهَارَ يرميك بسهامه، وأَنْتَ غَافِل عَنْهُ، ثُمَّ هُوَ لَهُ مَعَ جميع الْمُؤْمِنِينَ عداوةٌ عامةٌ، ومَعَ المجتهد فِي العبادة والعلم عداوةٌ خاصةٌ، ومعه عَلَيْكَ أعوان نفسك الأمارة، بالسُّوء، والهوى، والدُّنْيَا، وَهُوَ فارغٌ وأَنْتَ مشغول، وَهُوَ يراك وأَنْتَ لا تراه، وأَنْتَ تنساه وَهُوَ لا ينساك، فإذًا لا بد من محاربته، وقهره، وإلا فلا تأمن الفساد والهلاك والدمار، ومحاربته بالاستعاذة بِاللهِ والإكثار من ذكره.

شِعْرًا:

اهْجُرْ فِرَاشَكَ جَوْفَ الليْلِ وَارْمِ بِهِ ... فَفِي الْقُبُورِ إِذَا وَافَيْتَهَا فُرُشُ

مَا شِئْتَ إِن شَيئْتهَا فُرْشًا مُرَّقَشة ... أَوْ رَمْضَة فَوْقَهَا الْمَسْمُومَةُ الرُّقُش

هَذَا عَلَيْهِ قَرِير الْعَيْنِ نَائِمُهَا ... وذا عَلَيْهِ سَخِينَ الْعَيْنِ يُنْتَهَشُ

شَتَّانَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ حَالِهِمَا ... هَلْ يَسْتَوِي الرَّيُّ فِي الأَحْشَاءِ وَالْعَطَشُ

فَبَادِرِ الصُّبْحَ أَنْ تَغْشَى طَلائِعَهُ ... وَيَلْتَقِي الأَحْيَانِ الرُّومُ وَالْحَبُشُ

كَمْ فَازَ دُونَكَ بِاللَّذَّاتِ مِنْ رَجُلٍ ... وَافَى بِهِ دُلُجَ الأَسْحَارِ وَالْغَبَشُ

قَامُوا وَنِمْنَا وَكُلٌّ فِي تَقََلُّبِه ... لِنَفْسِهِ جَاهِدًا يَسْعَى وَيَجْتَوِشُ

زَكُّوا نُفُوسَهُمْ بِكُلِّ صَالِحَةٍ ... وَطَيَّبُوهَا فَلا عَيْبٌ وَلا وَقشُ

وصلى الله على مُحَمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>