للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وَقَفَ قَوْمٌ عَلَى عَالِم فَقَالُوا: إِنَا سَائِلُوكَ أَفَمُجِيبُنَا أَنْتَ؟ قَالَ: سَلُوا وَلا تُكْثِرُوا، فَإِنَّ النَّهَارَ لَنْ يَرْجِعَ وَالْعُمُرَ لَنْ يَعُودَ، وَالطَّالِبَ حَثِيثٌ فِي طَلَبِهِ. قَالُوا: فَأَوْصِنَا. قَالَ: تَزَوَّدُوا عَلَى قَدْرِ سَفَرِكُمْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّاد مَا أَبْلَغَ الْبُغْيَةَ. ثُمَّ قَالَ: الأَيَّامُ صَحَائِفُ الأَعْمَارِ فَخَلّدُوهَا أَحْسَنَ الأَعْمَال، فَإِنَّ الْفُرَصَ تَمُرُّ مَرَّ السَحَابِ، والتَّوَانِي مِنْ أَخْلاقَ الْكُسَالَى وَالْخَوَالِفِ، وَمَنِ اسْتَوْطَنَ مَرْكَبَ الْعَجْزِ عَثَرَ بِهِ. وَتَزَوَّجَ التَّوَانِي بِالْكَسَلِ فَوُلِدَ بَيْنَهُمَا الْخُسْرَانُ. أ. هـ. قَالَ بَعْضُهُمْ:

شِعْرًا: ... تَزَوَّجَتِ الْبَطَالَةُ بِالتَّوَانِي ... فَأَوْلَدَهَا غُلامًا مَعَ غُلامَهْ

فَأَمَّا الابْنُ سَمَّوْهُ بِفَقْرٍ ... وَأَمَّا الْبِنْتُ سَمَّوْهَا نَدَامَهَ

آخر: ... خِصَالٌ إِذَا لَمْ يَحْوِهَا الْمَرْء لَمْ يَنَلْ ... مَنَالاً مِنَ الأُخْرَى يَكُونُ لَهُ ذُخْرَا

يَكُونُ لَهُ تَقْوَى وَزُهْدٌ وَعِفَّة ... وَإِكْثَارُ أَعْمَال يَنَالُ بِهَا أَجْرَا

آخر: ... لَيْسَ يَبْقَى عَلَى الْجَدِيدَيْنِ إِلا ... عَمَلٌ صَالِحٌ وَذِكْرٌ جَمِيلُ

آخر: ... وَمَا فِي النَّاسِ أَحْسَنُ مِنْ مُطِيعٍ ... لِخَالِقِهِ إِذَا عُدَّ الرِّجَالُ

آخر: ... سَأُنْفِقُ رَيْعَانَ الشَّيْبَةِ دَائِبًا ... عَلَى طَلَبِ الْعَلْيَاءِ مَعْ طَلَبِ الأَجْرِ

أَلَيْسَ مِنْ الْخُسْرَانِ أَنَّ لَيَالِيًا ... تَمُرُّ بِلا نَفْعِ وَتُحْسَبُ مِنْ عُمْرِي

قَالَ بَعْضُهم: أَيُّهَا الناسُ إِنَّ الدُّنْيَا لَيْسَتْ بِدَارِ قَرَارِكمْ، ولا مَحَلِّ إِقَامَتِكُمْ، دَارٌ كَتَبَ اللهُ عَلى أَهْلِهَا الفَنَاءَ وَأَوْجَبَ مِنْهَا عَلَى أَهْلِهَا الرَّحِيْلَ فَكَمْ مِنْ عَامِرٍ مُؤَنِّقٍ وَمُحسِّنْ، عَمَّا قَلِيْلٍ ستَخْرَبُ عِمَارَتُه، وَكَمْ مِنْ مُقِيْمٍ مُغْتَبِطٍ سَيَرحَلُ إِلى المقبَرة فَأَحْسِنُوا رَحِمكُم اللهُ مِنْهَا الرِّحْلَةَ وَاحْمِلُوا خَيْرَ مَا يَحْضُرُكُمْ لِلنُّقْلَةِ وَتَزَوَّدُوْا فَإِنَّ خَيْرَ الزَادِ التَّقوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>