صاغرة؛ والدنيا بأهلها ساخرة، والأولى تعقبها آخرة؛ والحازم من لم يتعظ به أمر، وقال: بيدي لا بيد عَمِرو؛ فاقتنوها من وصية، ومرام في النصح قصية؛ وخصوا بها أولادكم إذا عقلوا، ليحدوا زادها إذا انتقلوا؛ وحسبي وحسبكم الله الذي لم يخلق الخلق هملاً، ولكن ليبلوهم أيهم أحسن عملاً؛ ولا رضي الدنيا منزلاً، ولا لطف بمن أصبح عن فئة الخير منعزلاً؛ ولتلقنوا تلقينًا، وتعلموا علمًا يقينًا؛ إنكم لن تجدوا بعد أن أنفرد بذنبي، ويفترش التراب جنبي، ويسح انسكابي، وتهرول عن المصلى ركابي، أحرص مني على سعادة إليكم تجلب، أو غاية كمال بسببكم ترتاد وتطلب؛ حتى لا يكون في الدين والدنيا أوْرف منكم ظلاً، ولا أشرف محلاً، ولا أغبط نهلا وعلا؛ وأقل ما يوجب ذلك عليكم أن تصيخوا إلى قولي الآذان، وتتلمحوا صبح نصحي فقد بان، وسأعيد عليكم وصية لقمان:
وأعيد وصية خليل الله وإسرائيله، حسبما تضمنه محكم تنزيله:{يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} ، والدين الذي ارتضاه واصطفاه، وأكمله ووفاه، وقرره مصطفاه، من قبل أن يتوفاه، فالله واحد أحد، فرد صمد، ليس له والد ولا ولد.
سبق وجوده الأكوان؛ {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} خالق الخلق وما يعلمون، والذي لا يسأل عما يفعل وهم يسألون؛