البناني ويزيد الضبي. فقال: أدركوا أبي فإنه هالك فلم يزالوا له حتى سقوه شربة ماء من سويق. وكان كثير من السلف مثل هؤلاء ينغص عليهم ذكر طعام أهل النار وشرابهم طعام الدنيا فيمتنعوا من تناوله أحيانًا لذلك.
وقال ابن أبي ذئب: حدثني من شَهِدَ عمر بن عبد العزيز وهو أمير المدينة وقرأ عنده رجل: {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً} فبكى عمر حتى غلبه البكاء وعلا نشيجه فقام من مجلسه ودخل بيته وتفرق الناس.
وقال سرار أبو عبد الله: عاتبت عطاء السلمي في كثرة بكائه فقال لي: يا سرار كيف تعاتبني في شيء ليس هو إلي إني إذا ذكرت أهل النار وما ينزل بهم من عذاب الله عز وجل وعقابه تمثلت لي نفسي بهم فكيف لنفس تغل يداها على عنقها وتسحب إلى النار أن لا تبكي ولا تصيح وكيف لنفس تعذب أن لا تبكي.
وقال العلاء بن زياد كان إخوان مطرف عنده فخاضوا في ذكر الجنة والنار فقال مطرف: لا أدري ما تقولون حال ذكر النار بيني وبين الجنة.
وقال عبد الله بن أبي الهذيل: لقد شغلت النار من يعقل عن ذكر الجنة وعوتب يزيد الرقاشي على كثرة بكائه وقيل له: لو كانت النار خلقت لك ما زادت على هذا، فقال: وهل خلقته إلا لي ولأصحابي ولإخواننا من الجن والإنس.
أما تقرأ:{سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ} ، أما تقرأ:{يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ} ، فقرأ حتى بلغ:{يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} وجعل يجول في الدار ويبكي حتى غشي عليه.