للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجل لا ينصح أخاه حتى يقول له في وجهه ما يكره وكان يقول يا أهل القرآن لا تتخذوا القرآن بضاعة تلتمسون به الربح في الدنيا اطلبوا الدنيا بالدنيا والآخرة بالآخرة.

وبالتالي فإن الانهماك في الدنيا قد شمل أصناف الخلق لقلة معرفتهم بالله تعالى إذ لا يحب الله إلا من عرفه فكلما ازدادت معرفة العبد بربه ازداد حبه له، وكلما فكر في نعم الله عليه قوى حبه لربه، لأن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها.

ولهذا قال الله تعالى {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} أي إن كانت رعاية هذه المصالح الدنيوية عندكم أولى من طاعة الله ورسوله ومن المجاهدة لأعلاء كلمة الله فانتظروا ماذا يحل بكم من عقابه ونكاله.

ولهذا قال حتى يأتي الله بأمره وهذا وعيدٌ شديدٌ وتهديدٌ شنيعٌ للمنهمكين في طلب الدنيا المؤثرين لها ولأهلهم وقرابتهم وعشيرتهم على الله ورسوله والجهاد في سبيله أفلا يعتبر اللبيب وينظر كم خرمت أيدي المنون من قرون بعد قرون وكم غيرت الأرض ببلائها وكم غيبت في ترابها ممن عاشرت من صنوف المخلوقين.

وما أكثر من أخذت الدنيا بقلبه وقالبه وصار عبدًا لها في ليله ونهاره ضاعت أوقاته النفيسة في الركض خلفها يجمعها لمن يخلفه عليها وصار هو بالحقيقة حارسًا خادمًا محاميًا بجازته وكسوته وسكناه فقط ولا شكر ولا ثناء ولا مروءة وتأمله وصفًا مطابقًا لأغنياء أهل هذا الزمن تكون بذلك مصدقًا متعجبًا وان كنت موفقًا قلت الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم، اللهم عافهم

<<  <  ج: ص:  >  >>