للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعقد سبحانه وتعالى لواء هذا الحرب لخلاصة مخلوقاته، وهو القلب الذي هو محل معرفته، ومحبته، وعبوديته، والإخلاص له والتوكل عليه، والإنابة إليه، فولاه أمر هذا الحرب.

وأيده بجنده من الملائكة لا يفارقونه، قال تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ} يثبتونه ويحفظونه، ويأمرونه بالخير، ويخصونه عليه، ويعدونه بكرامة الله، ويصبرونه، ويقولون: إنما هو صبر ساعة وقد استرحت راحة الأبد.

ثم أمده بجند آخر من وحيه، وكلامه، فأرسل إليه رسوله صلى الله عليه وسلم، وأنزل إليه كتابه، فازداد قوة إلى قوته، ومدادًا إلى مدده وعدة إلى عدته.

وأيده مع ذلك بالعقل وزيرًا له ومدبرًا، وبالمعرفة مشيرة عليه وناصحة له، وبالإيمان مثبتًا له، ومؤيدًا، وناصرًا، وباليقين كاشفًا له عن حقيقة الأمر كأنه يعاين ما وعد الله تعالى به أولياءه وحزبه على جهاد أعدائه.

فالعقل يدبر أمر جيشه، والمعرفة تصنع له أمور الحرب وأسبابها ومواضعها اللاحقة بها، والإيمان يثبته ويقويه ويصبره، واليقين يقدم به ويحمل به الحملات الصادقة.

ثم أمد سبحانه القائم بهذه الحرب بالقوى الظاهرة والباطنة، فجعل العين طليعته والأذن صاحب خبره، واللسان ترجمان، واليدين والرجلين أعوانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>