وإن كنت صرفتها في طاعة فقد أفسدتها بإعجابك بعملك.
ثم تفكر في زوالها عنك وقت الكبر عندما تنحل قوتك ويضعف جسمك وتدفع الأرض عند قيامك وقعودك ومردك إليها ٠
تَسَاقَطُ أَسْنَانٌ وَيَضْعُفُ نَاضِرٌ ... وَتَقْصُرُ خُطْوَاتٌ وَيَثْقُل مَسْمَعُ
قال الله جل وعلا وتقدس {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} ٠
وقال وصاحب التعبد المطلق ليس له غرض في تعبد بعينه يؤثره على غيره٠
بل غرضه تتبع مرضاه الله تعالى أينما كانت فمدار تعبده عليها فلا يزال متنقلاً في منازل العبودية كلما رفعت له منزلة عمل على سيره إليها واشتغل بها ٠
حتى تلوح له منزله أخرى فهذا دأبه في السير حتى ينتهي سيره ٠
فإن رأيت العلماء رأيته معهم ٠
وإن رأيت المتصدقين المحسنين رأيته معهم ٠
وإن رأيت العباد رأيته معهم ٠
وإن رأيت المجاهدين رأيته معهم ٠
وإن رأيت الذاكرين رأيته معهم ٠
وإن رأيت أرباب الجمعية وعكوف القلب على الله رأيته معهم ٠
فهذا هو العبد المطلق الذي لم تملكه الرسوم ولم تقيده القيود ٠
ولم يكن عمله على مراد نفسه وما فيه لذتها وراحتها من العبادات.
بل هو على مراد ربه ولو كانت لذة نفسه وراحتها في سواه.