وَخُذْ مِنْ قَرِيبٍ وَاسْتَجِبْ وَاجْتَنِبْ غَدًا ... وَشَمِّرْ عَنْ السَّاقِ اجْتِهَادًا بِنَهْضَةِ
وَكُنْ صَارِمًا كَالْوَقْتِ فَالْمَقْتُ فِي عَسَى ... وَإِيَّاكَ مَهْلاً فَهِيَ أَخْطَرُ عِلَّةِ
وَسِرْ زَمَنًا وَانْهَضْ كَسِيرًا فَحَظُّكَ الْ ... بَطَالَةُ مَا أَخَّرْتَ عَزْمًا لِصِحَّةِ
وَجُذَّ بِسَيْفِ الْعَزْمِ سَوْفَ فَإِنْ تَجُدْ ... تَجِدْ نَفْسًا فَالنَّفْسُ إِنْ جُدْتَ جَدَّتِ
ثم أعلم أيها الأخ الحريص على حفظ وقته عن الضياع أنه إن قلت أشغالك وقلت عوائقك ثم قعدت عن الجد والاجتهاد فيما يقربك إلى الله من أنواع الطاعات أن هذا هو الخذلان أعاذنا الله منه.
ففراغ القلب من الأشغال نعمة عظيمة لمن وفقه الله اغتنامها فصرفها في الباقيات الصالحات والويل لمن كفر هذه النعمة بان فتح على نفسه باب الهوى وانجر في قياد الشهوات.
قال - صلى الله عليه وسلم -: «بادروا بالأعمال سبعًا هل تنتظرون إلا فقرا منسيَا أو غني مضغيَا أو مرضًا مفسدا أو هرمًا مفندَا أو موتًا مجهزَا أو الدجال فشر غائب ينتظر أو الساعة فالساعة أدهى وأمر» .
وقال بعضهم: الفكرة سراج القلب فإذا ذهبت فلا إضاءة له فالقلب الخالي من الفكرة خالي من النور مظلم بوجود الجهل والغرور.
ففكر الزاهدين في فناء الدنيا واضمحلالها وقلة وفائها لطلابها فيزدادون بالفكر زهدًا فيها.
وفكر العابدين في جميل الثواب فيزدادون نشاطًا عليه ورغبة فيه.
وفكر العارفين في الآلاء والنعماء فيزدادون نشاطًا في جميع أنواع العبادة ويذدادون محبة لله وشكرًا له وحمدًا على نعمه التي لا تعد ولا تحصى قال جل وعلا وتقدس: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا}
شِعْرًا: ... مَا لِي أَرَاكَ عَلَى الذُّنُوبِ مُوَاظِبَا ... أَأَخَذْتَ مِنْ سُوءِ الْحِسَابِ أَمَانَا
لا تَغْفَلَنَّ كَأَنَّ يَوْمَكَ قَدْ أَتَى ... وَلَعَلَّ عُمْرُكَ قَدْ دَنَا أَوْ حَانَا
وَمَضَى الْحَبِيبُ لِحَفْرِ قَبْرِكَ مُسْرِعًا ... وَأَتَى الصَّدِيقُ فَأَنْذَرَ الْجِيرَانَا